هاكر تائب 22

أواصل الحديث عن مدج والبرنامج الذي صممه لكسر كلمات السر، والذي انتقلت ملكيته لشركة سيمانتك بعد شرائها لشركة مدج والتي بدورها أوقفت بيعه بنهاية عام 2006.

وقبل أن أكمل أوضح أن لبرامج كسر كلمات السر استخدامات أخرى غير محاولة معرفة كلمات السر للآخرين، من ذلك بعض الاستخدامات السلمية مثل استرجاع كلمات السر المنسية أو اختبار قوة كلمات السر المستخدمة.

ذكر لنا مدج بلسانه أثناء تناول الغداء مع بعض الزملاء في العمل أنه يوجد بند في عقد شراء البرنامج الذي صممه ينص في أنه حالة توقف الشركة عن بيع البرنامج لأكثر من سنة فإنه يتعين على الشركة بيع البرنامج لمدج بسعر السوق، وحيث أنه مرت أكثر من سنة على عدم بيع البرنامج، فكان مدج وقتها في طور إنهاء الخطوات اللازمة لاسترجاع ملكية البرنامج [1] وهو متحمس لتطوير البرنامج ليتوافق مع الإصدارات الجديدة لنظام التشغيل Windows ويندوز وثم تسويقه كمنتج.

سألت مدج بعدها عن سعر السوق فقال والابتسامة تملئ فاه: زيرو! (صفر) لأن البرنامج حاليا لا يباع. ثم أضاف أنه غالبا سيتم الاتفاق على مبلغ زهيد في حدود 10 دولار لاسترداد الملكية (وربما من أسباب ذلك أيضا حفظ ماء وجه سيمانتك من بيع البرنامج بدون مقابل)، سألته أيضا إن كانت شركة سيمانتك على علم بهذا البند في العقد الذي مكنه من استرداد البرنامج؟ فأجاب أنه فيما يبدو أنهم لم ينتبهوا له خاصة أنه هذا البند كان أحد بنود عقد الشراء لشركة أخرى صغيرة امتلكت البرنامج قبل أن تشتري سيمانتك تلك الشركة الصغيرة، وأضاف أن محاميه أشار عليه بتضمين هذا البند حتى يستطيع استرجاع ملكيته [2]

فهذا درس تعلمته وهو أن شطارة المهندسين والمبرمجين وحدها في أمريكا لا تكفي للحصول على المال ولكن لا بد من شطارة المحامين معهم!

وقد أحسن مدج توظيف مهارته حيث كان من أوائل الهاكرز الذين بنوا علاقات مع القطاعين الحكومي والصناعي، حيث تحدث في مؤتمرات علمية لها مكانتها. ومدج مع ستة من رفاقه كانوا ممن شهدوا أمام لجنة من لجان الكونجرس الأمريكي في عام 1998 أنهم يستطيعون تعطيل الإنترنت خلال 30 دقيقة. وفي عام 2000 دعاه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون للالتقاء به ومع وزرائه للتشاور بخصوص الانتشار المتصاعد لاختراقات أمن الإنترنت.

مدج يعد من الجيل الجديد مقارنة بمن سبقت وأن كتبت عنهم من موظفي الشركة، واسمه الحقيقي Peiter Zatko بيتر زاتكو [3]، وتحرص شركة بي بي إن على الاستفادة منه كخبير في مجال الاختراقات من خلال عمله مع فرق العمل التي تعمل على مشاريع الشركة المختلفة.

الجميل في الأمر أنه من أحد أعضاء فريق عمل المشروع الذي أعمل فيه. فهو يحضر اجتماعات المشروع ونتناقش خلال هذه الاجتماعات حول أفضل الحلول الممكنة لمقاومة الخطر الأمني للمشكلة التي كنا نقوم بدراستها في المشروع، والتي سيكون حديثي عنها في الموضوع القادم.

وتستمر شركة بي بي إن بإثبات نفسها كمكان غير عادي


[1] استرجاع ملكية البرنامج تعني استرجاع حقه في استخدام الكود code لأغراض ربحية.

[2] تمكن مدج (بعد انتهاء فترة عملي بالشركة) من استعادة ملكية البرنامج في بداية عام 2009 وقام بعد ذلك طرحه كمنتج تجاري من أسعار تبدأ من 395 دولار. فهنيئا له ولشركائه هذا النجاح.

[3] بعض الأمريكيين لسبب أو آخر يختارون لأنفسهم اسما قصيرا، بحيث يصبح هو الاسم المستخدم لهم وهو ما يعرف بـ Nickname، أحيانا يكون الاسم مشتقا من اسمهم الأصلي (مثال Jimmy لـ James) أو مرتبطا به (مثال Bill لـ William)، وأحيانا يكون الاسم غريبا بعض الشيء ولا علاقة له بالاسم الأصلي، وكثيرا ما يشتهر الشخص باسمه الغريب حتى أن المقربين للشخص (من غير أقاربه طبعا) قد لا يعرفون أصلا أنه يمتلك اسما آخر!

اليومية القادمة: شبكات الروبوت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *