هل الدكتوارة تصلح لي؟

نشرت هذه التدوينة كمقال في رسالة الجامعة – العدد 1056 – تاريخ 1432/5/19 هـ الموافق 2011/4/23 م

حرصت الممكلة على أن يتحول مجتمعنا إلى مجتمع المعرفة، وكسبيل لتحقيق ذلك وفرت الدولة فرص الابتعاث الخارجي لمواصلة الدراسات العليا عن طريق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي تشرف عليه وزارة التعليم العالي، مما جعل أحد أكثر الأسئلة الملحة التي يطرحها المتخرج حديثا هو “هل أواصل دراستي العليا في الخارج أم لا؟” وسأناقش في هذا المقال رأيي الشخصي حول إجابة هذا السؤال فيما يخص دراسة الدكتوارة، وسأخصص المقال القادم للحديث عن دراسة الماجستير.

بداية أرى أن شهادة الدكتوراة يفترض ألا يسعى لها المرء إلا لغرضين أساسيين، الأول العمل كأستاذ جامعي في مجالات التدريس والبحث وخدمة المجتمع. والثاني العمل كباحث في مركز أبحاث كمدينة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. قد يخالفني البعض ويضيف أن من أغراض شهادة الدكتوارة المساعدة في الحصول على وظيفة مرموقة. ورأيي أن بإمكانها أن تفيد ولكن بعد أن تمارس عملك في جامعة أو مركز بحثي لعدد من السنوات تبني خلالها علاقاتك ومهاراتك ومعلوماتك المتعلقة بسوق العمل، إذ أن شهادة الدكتوارة بذاتها لا توظفك في منصب إداري عالي، فليس من المتخيل أن يرجع المرء من الابتعاث ويتوظف في مثل هذا المنصب إلا أن يكون له خبرة وظيفية سابقة أو علاقة بالجهة التي وظفته.
لذا فإن على من يفكر بإكمال دراسة الدكتوارة أن يفكر أولا بطبيعة عمله بعد تخرجه ورجوعه سالما إلى وطنه. عليه أن يطرح على نفسه السؤال التالي ويفكر بشكل جاد في إجابته عليه: هل أحب البيئة الجامعية؟
ويندرج تحت هذا السؤال الأسئلة التالية: هل أحب العمل كأستاذ جامعي؟ هل سأحب التعامل مع الطلاب؟ هل سيكون لي صبر على التدريس؟ هل أرغب بالاستمرار بزيادة حصليتي العلمية وإجراء الأبحاث العلمية؟
إذا كنت لا تحب من البيئة الجامعية الجوانب المتعلقة بالتدريس، ففكر في العمل في مركز بحثي، وهنا تندرج الأسئلة التالية: هل تحب العمل في بيئة بحثية؟ هل تجد نفسك في البحث العلمي؟ هل تحب زيادة حصيلتك العلمية؟
تذكر أن دراسة الدكتوارة ومن قبلها دارسة الماجستير واللغة ستأخذ قدرا كبيرا من عمرك (5-9 سنوات)، فلا تصرف كل هذه السنوات إلا من أجل العمل في وظيفة ستحبها.
فإذا كنت تحب العمل كأستاذ جامعي أو كباحث في مركز بحثي، فاطرح على نفسك السؤال التالي: هل لدي الجلد والقدرة لدراسة الدكتوارة؟ هل لدي الاستعداد أن أسهر وأنام وأستيقظ وأنا أفكر في حل مسألة بحثية معينة سأشعر أحيانا أنها مسألة لن تقدم ولن تؤخر في العالم شيئا؟

إذا أجبت على هذه الأسئلة بنعم فهذا مؤشر قوي أن دراسة الدكتوارة تصلح لك، ويبقى عندها أن تقارن خيار دراسة الدكتوارة بباقي خياراتك الوظيفية وتستشير عدد جيد من ذوي المعرفة والخبرة وتصلي الاستخارة وتتوكل على الله.

رابط المقال في رسالة الجامعة: http://rs.ksu.edu.sa/45307.html

9 ردود على “هل الدكتوارة تصلح لي؟”

  1. أشكرك على هذا الطرح دكتور باسل، كالعادة تمتعنا بقلمك المميز،

    أؤيدك في ماذكرت من أسباب دراسة الدكتوراة، ولكن هناك سبب اجتماعي له ثقله الكبير،

    فكما تعلم دكتور أن حرف الدال له اعتباراته الاجتماعيه الخاصة، فهناك الكثير من من يريد الدكتوراه لاضافة حرف الدال وفقط، وهنا من يتم الضغط عليه من خلال والديه أو إخوته وأقاربه، فقط ليقال أن منهم دكتور،

    ما رأيك؟؟

    تقبل تحيتي

    عبدالرحمن

  2. حينما يوافق طرح شخص تثق في رأيه رؤيتك المستقبلية لما تود أن تكون عليه, فإنه يمنحك الثقة لمواصلة طريقك.

    شكراً يا دكتور, شكراً جزيلاً, فلطالما كانت أطروحاتك ملامسةً لهموم الطلاب/الخريجين معينةً لهم.

  3. الأخ عبدالرحمن

    جميل أن نسمع صوتك بعد انقطاع، لا شك أن الدكتوارة تضفي على حاملها مكانة اجتماعية. ولكن في رأيي أنه يجب التعامل مع هذا الأمر على أنه من المزايا التي ينظر لها عند المفاضلة بين خيار إكمال الدكتوارة من عدمه، ومن الخطأ في اعتقادي أن تكون رغبة أن يسبق حرف الدال اسم المرء دافع رئيسي لإكمال الدراسة سواء كانت هذه رغبة المرء أو رغبة والديه أو أقاربه. وأؤكد هنا على أهمية التواضع حتى بعد الحصول على الدكتوارة.

    الأخ مشاري

    أشكر لك تعليقك وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك

  4. قد يكون هناك دافع آخر يتمحور في الرغبة في استكشاف المزيد من العلوم و الخبرات في جانب معين من التخصص والمساهمة في إثراءه بتجارب شخصية .. لكن للأسف فإن أكثر ما يقيد أمثالي من مواصلة المشوار هو عدم تبني هذه المسيرة من جهة العمل واضطرارهم للتخلي عن وظائفهم والتي قد تكون بالفعل مرموقة للرجوع كطالب مبتعث

    أشكرك يا أبا “ماجد” (إن لم تخني ذاكرتي)

  5. الدكتوراه وما أدراك ما الدكتوراه

    أكبر عائق في وجه إكمال الدراسة هو تدني الرواتب للأكاديميين وخصوصاً للتخصصات التطبيقية، فحين يسلك مثلاً المهندس الطريق الوظيفي ثم يفكر في إكمال الدراسة، يجد البون الشاسع في العائد المادي.

    لكن الطموح وتوفيق رب العالمين هو الفيصل في اتخاذ القرار

    أشكرك دكتور باسل على أطروحاتك المفيدة جداً والى الامام.

  6. شكرا لتعليقك أخي الكريم العبدالقادر

    الدخل المادي لا شك أنه عامل مهم في اتخاذ القرار ولكن من المهم أيضا النظر في نفس الوقت لبيئة العمل وعدد الساعات المطلوبة والارتياح النفسي في العمل وغيرها، وكلامي هذا عام سواء كانت الوظيفة أكاديمية أو غير أكاديمية

    بالتوفيق

  7. نسيت يادكتور جانب مهم ودافع مهم للحصول على الدكتوراه وهو اكمال النقاط المطلوبه للحصول على الجنسيه السعوديه وحقيقه هذا الدافع الاكبر لي

    شكرا

  8. أنا اتفق معك يا دكتور باسل – بشكل عام – في حالة العودة للعمل في العالم الثالث.
    كما أنني أتفق معك في أهمية معرفة الشخص مدى حبه من عدمه للبحث العلمي أو التدريس كقيمة أنسانية نبيلة متمثلة في المساهمات العلمية الوطنية أو العالمية، توطين التقنية ،ونقل المعرفة للأجيال اللاحقة والتي قد لا تستطيع الدولة فيما بعد ابتعاثهم. هذه الأسباب مجتمعة قد تكون بحد ذاتها رضى وظيفي للبعض منا بحد ذاتها.

    لكن هناك ثلاث نقاط أود إضافتهم:
    أولاً: في أمريكا بشكل خاص، الدكتوراه تؤهل للعمل في أماكن مرموقة مثل قوقل وامازون وسيسكو ومايكروسوفت، حيث يبدأ الراتب مساوياً لمن يمتلك خبرة 20 سنة + بكالوريوس ( معدل بداية الرواتب لخريج الدكتوراه في شركات امريكا هو 120 الف دولار) [ انظر payscale.com or salary1.com ] ناهيك أنه يصعب الهجرة لشخص يحمل درجة البكالوريوس أو الماجستير فقط! على عكس الحاصل على شهادة الدكتوراه والتي تنشده كل دول العالم الأول.
    ثانياً: بالنسبة للدول النامية، أتفق معك بأن الشركات لا تحتاج حتى لدرجة الماجستير لأنه في معظمها شركات خدمية تقتات على ريع الحكومة، وبذلك هي غير منتجة البتة! وفي مثل هذه الحالة، فمن يسعى لزيادة الدخل عن طريق دراسة الدكتوراه فهي مضيعة وقت!
    ولكن على الجانب الإيجابي – بالنسبة لأولئك في العالم الثالث، هناك وقت فراغ كبير لدى الأستاذ الجامعي أو الباحث لتأسيس شركته الناشئة start-up من دون اللجوء لمخاطرة عالية مثل الاستقالة أو رأس المال النقدي. هو يحتاج لرأس مال معرفي + وقت مع رأس مال نقدي ضئيل، وكلنا يعلم مدى الفراغ الذي يمتلكه الأستاذ الجامعي في العالم – وليس فقط في العالم الثالث – ما لا يمتلكه موظف القطاع الخاص والذي يكون رهينه لعمله طوال حياته.

    ثالثاً: أعتقد أننا نتكلم بشكل خاص عن التخصصات الهندسية وبشكل أخص الحاسب وهندسة الكهرباء، لكن عندما نتكلم عن تخصصات مثل الرياضيات والفيزياء وغيرهما بل حتى تخصص مثل الهندسة المدنية والذي يعاني من سعودة قطاعاته، فإن اللجوء لدراسة الدكتوراه قد تكون أفضل الطرق لزيادة الدخل.

    أخيراً، لا غنى للجميع عن اسداء نصائحكم ونقل تجربتكم وشكراً جزيلاً

اترك رداً على باسل إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *