هل الماجستير تصلح لي؟

نشرت هذه التدوينة كمقال في رسالة الجامعة – العدد 1057 – تاريخ 1432/5/26 هـ الموافق 2011/4/30 م

ناقشت في المقال السابق متى تكون دراسة الدكتوراه خياراً صائباً للمرء، وسأتحدث في هذا المقال عن دراسة الماجستير. وسأتطرق في حديثي إلى سؤالين فرعيين هما: ما هي طبيعة التخصص الذي أدرسه؟ وهل أدرس مباشرة بعد التخرج أم أؤجل ذلك بعد أن أمارس العمل الميداني لعدد من السنوات؟

ابتداء دراسة الماجستير أسهل وأقصر بكثير من دراسة الدكتوراه إذ إن مدة الدراسة تتراوح من سنة إلى سنتين «دون احتساب مدة دراسة اللغة» كما أن إجراء الأبحاث فيها اختياري. ولكن دراسة الماجستير ليس لها قيمة وظيفية تذكر خاصة للمتخرج حديثاً الذي يريد العمل في شركات القطاع الخاص، وغالباً ما تفضل الشركات موظفاً متخرجاً حديثاً لديه خبرة وظيفية مدتها سنتان على آخر قضى هاتين السنتين في دراسة الماجستير. لذا من المفترض ألا تختار دراسة الماجستير لأسباب وظيفية إلا إن كنت متيقناً من فائدتها الوظيفية لك في ترقية مرتبتك الوظيفية وما يتبع ذلك من زيادة دخلك.

فما هي الأسباب التي يراها الناس مقبولة لتبرير دراسة الماجستير؟ تنحصر الأسباب في ثلاثة: أولها حب طلب العلم والاستزادة منه سواء كان ذلك في نفس التخصص أو تخصص جديد، السبب الثاني يتعلق بشعور الشخص بحاجته للتميز خاصة إذا كان من المتميزين في دراسته أثناء البكالوريوس، أما الثالث فهو الرغبة في الابتعاث والعيش في الخارج سواء كانت دواعي ذلك رفع مستوى اللغة الإنجليزية أو المتعة أو صقل الشخصية واكتساب الخبرة.

قد يضيف البعض أن من جملة الأسباب المقبولة لدراسة الماجستير هو اكتساب معلومات جديدة تساهم في التطوير الوظيفي. وصحيح أن دراسة الماجستير تساهم في ذلك ولكنها ليست الطريقة الأمثل، إذ إن الطريقة المثلى هي من خلال دورات مختارة بعناية أو مصممة لطبيعة عملك، بحيث تكون التكلفة فيها أقل والوقت أقصر.

ولكن بإمكان دراسة الماجستير أن تكون مفيدة لك وظيفياً إذا درستها مع التركيز على ما تحتاجه طبيعة عملك. ولكن الإشكالية أن المرء لن يعرف طبيعة عمله إلا بعد سنوات من العمل، وهذا مما يشجع على العمل بعد التخرج واكتساب الخبرة قبل إكمال الدراسة. فمن كانت طبيعة عمله في مجال هندسي دقيق استطاع أن يواصل دراسة الماجستير في هذا المجال، ومن كان مجال عمله متعلقاً بكتابة العقود في مجال تخصصه فدراسة القانون تبدو خياراً مناسباً له، ومن كانت طبيعة عمله في كتابة الأنظمة المتعلقة بالاستخدامات الهندسية أمكنه مواصلة دراسته في مجال الإدارة والسياسات العامة، ومن كان يعمل في إدارة الموارد البشرية فإن مواصلة دراسته في هذا المجال خيار موفق له، ومن كان عمله في إدارة الأعمال فإن دراسة ماجستير إدارة الأعمال «MBA» خيار مناسب جداً له.

ولكن يجدر بك أن تتنبه أنك كلما كبرت ثقلت بك نفسك عن مواصلة الدراسة سواء كان ذلك لأسباب داخلية من بعدك عن بيئة الدراسة لسنوات، أو لأسباب خارجية من مثل ارتباطك بوظيفة أو مركز وظيفي يصعب عليك تركه، أو زوجة وأولاد كبرت أعمارهم وتخشى عليهم من الإقامة في الخارج، فهذا أمر عليك أن تبت فيه وتصلي الاستخارة وتقوي علاقتك بربك فهي سبب للاستقرار النفسي.

رابط المقال في رسالة الجامعة: http://rs.ksu.edu.sa/46415.html

6 ردود على “هل الماجستير تصلح لي؟”

  1. بارك الله فيك أخ/ باسل السدحان وأشكر لك هذا المقال المختصر والهادف الذي يوصل معلومات كثيرة و بسهولة و يدع للقاريء حيزاً من الحرية في التفكير و التأمل.

    شدني مختصر النقاط للراغب في الماجستير, وهي:
    1- طلب العلم.
    2- الحاجة للتميز.
    3- الرغبة في السفر و الإبتعاث للغة و المتعة.

    أعتقد والله أعلم, ان الحالة المثالية للراغب في الحصول على الماجستير هي أن يعمل بعد الجامعة من سنتين إلى خمسة سنوات ومن ثم يبدأ بالماجستير التي قد ترفع أسهمه في سوق العمل بعد ذلك لأنه جمع بين:
    1- الخبرة (2-4 سنة).
    2- الماجستير.
    وهنا يكون في قيمة مميزاته تسارع طردي, لاتقارن بشخص تخرج من الجامعة وعمل لمدة 6 سنوات (ولم يحصل على ماجستير) مثلاً.

    بارك الله فيك, وأعتقد أن قوة الماجستير تتضح اكثر في مراحل متقدمة في عمليات المفاضلة (في بعض المناصب و مجالس الإدارة…إلخ) والأهم هو العلم الذي حصل عليه و يكون له سند ومرجع باقي عمره وهذا ليس بالساهل الذي قد ينقله غلى مراحل متقدمة في الوقت المناسب.

    شكرا

  2. شكراً يا دكتور على المقال الرائع ..

    لا شك أنه أفضل أن يكتسب الخريج الخبرة .. ثم يدرس الماستر ..

    لكن :
    ١. التأخر يعيق تكوين العائلة بشكل جيد
    ٢. من يضمن استمرار البعثات ؟!

  3. جميل جدا
    ويمكن اضافة بعد من وجهة نظري حب التغيير واقصد من يمارس العمل ثم ينتقل للماجستير فقد يكون احد الدوافع الخروج من بيئة العمل الحالية لاسباب متعددة قد تكون شخصية وقد تكون مرتبطة بجهة العمل

  4. الأخ مقبل شكرا لتعليقك وأتفق معك

    الأخ معاذ أشرت إلى موضوع العائلة في المقال ولكني لا أعتقد أبدا أنه سيعيق تكوين العائلة. وحاول الانتهاء من البعثة قبل دخول أبنائك للابتدائية فهذا ، وحتى لو لم تقدر فكثير من المبتعثين استطاعوا التعامل مع الموضوع بشكل جيد
    بالنسبة لاستمرار البعثات فالمؤشرات والله أعلم تشير لاستمرارها

    الأخ أيمن صحيح أحيانا كثيرة يدرس المرء لأنه لم يجد في بيئة العمل الحالية ما يلبي رغباته أو طموحه وهذا صحيح سواء للمتخرج حديثا أو المتخرج قديما

  5. جُزيت خيراً دكتور باسل على المقالات النيرة 🙂
    اختتمت هذ المقالة بسطور كانت على الوتر الحسّاس،
    عندما أتناقش مع البعض بخصوص مواصلة الدراسة في سن مبكر ( خصوصاً إذا كان الشخص يتطلع إلى الإلتحاق بالكادر الأكاديمي ) أجد منهم معارضة شديدة ، وحجتهم الوحيدة الوظيفة أفضل !

    لديّ اضافة متعلقة بإمكانية الحصول على الخبرة و اكمال الدراسة في الداخل ،، وهو أن الشخص بإمكانه العمل في الفترة المسائية للحصول على خبرة، و في الفترة الصباحية يدرس إذا كان ملتحقاً بأحد برامج الماجستير.

    سيكون هناك مشقة و جهد مبذول مضاعف، لكن
    لولا المشقة ساد الناس كلهم 🙂

اترك رداً على م. مقبل بن سليمان الذكير إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *