شبكات الروبوت 12


حان الوقت للتحدث عن المشكلة التي شاركت في البحث عن حل لها أثناء فترة عملي في الشركة، وسأتحدث فقط عن المشكلة دون الخوض في تفاصيل حلول المشكلة وذلك حرصا على عدم ملل القارئ الغير المتخصص. المشكلة تعرف بـ Botnets، و Bot تعني روبوت، فيصبح المعنى شبكات الروبوت. فما المقصود بالروبوت أو البوت هنا؟

البوت هو عبارة عن جهاز كمبيوتر تم اختراقه عبر شبكة الإنترنت بحيث أصبح تحت سيطرة سيد البوت (BotMaster). اختراق أجهزة الغير ليس بالأمر الجديد ومعروف منذ سنوات عديدة، ويكون عبر تحميل صاحب الجهاز (من غير أن يعلم أنه يقوم بذلك) لبرنامج يسمح للمخترق باستخدام جهازه كما يشاء. مثل هذه البرامج تعرف ببرامج الباب الخلفي (Back Door) أو حصان طروادة [1] (Trojan Horse)، وذلك كناية عن الدخول للجهاز بطريقة مخفية.

كانت المخترقون القدامى (في السعودية على سبيل المثال) يستخدمون مثل هذه البرامج للاطلاع على ما في جهاز شخص آخر من معلومات وملفات شخصية، وكثيرا ما كان الدافع لذلك المتعة والتحدي، ولكن رغم ذلك كنا نسمع عن حالات ليست بالقليلة حصل فيها تعديل أو مسح للملفات الشخصية أو تركيب فيروس على الجهاز، أو حتى استخدام المعلومات ذات الطبيعة الحساسة مثل الصور الشخصية لابتزاز أصحابها. وعندما كثر استعمال الإنترنت في التطبقيات البنكية والشرائية زادت حساسية المعلومات التي يمكن أن يطلع عليها مثل أرقام بطاقات الائتمان أو كلمات المرور للدخول على الحسابات البنكية. ولكن القاسم المشترك بين كل هذه العلميات هو الإضرار بصاحب الجهاز وحده.

بينما في شبكات الروبوت فالضرر أكبر وأوسع!

فالأمر ليس حول الملفات الموجودة في الجهاز المسيطر عليه، لأن هذا الجهاز يستخدم كروبوت لتلقي الأوامر من سيده لتنفيذ عمليات تضر بآخرين غير صاحب الجهاز. وما يزيد من الأمر تعقيدا أن غالب أصحاب الأجهزة المخترقة لا يعلمون بأن جهازهم مخترق وجزء من شبكة روبوتات. وما يجعل الأمر أكثر خطورة هو أن الموضوع غير متعلق بوجود روبوت واحد أو إثنين أو عشرة أو حتى مائة، ولكن وجود شبكات تحتوي على آلاف -بل ربما ملايين حسب تقديرات البعض- من الربوتات تنتظر الأوامر من أسيادها للهجوم والإضرار بأجهزة الآخرين.

ويجدر الإشارة إلى أن الظريف في أمر هذه الربوتات أنها تباع وتشترى عن طريق السوق السوداء وبأبخس الأثمان حتى وصلت لأقل من 5 سنتات أمريكية [2]. حتى أن أحد الزملاء الأمريكيين أثناء دراسة الدكتوارة قام بإجراء بحث لمعرفة مدى انتشار شبكات الروبوت، وكانت وسيلته في ذلك هي مشاهدة إعلانات بيع الروبوتات في السوق السوداء، والتي تكون من قبيل “سارع … تخفيضات …. 100 روبوت بخمسة دولارات! … “. ولست مازحا هنا! فقد يكون جهازك وهو جالس على مكتبك يباع ويشترى ويتربح من ورائه أسياده المتعاقبون على سيادته!

وسيكون حديثنا في الموضوع القادم عن ذكر أمثلة لبعض هجمات شبكات الروبوت كفانا الله وإياكم شرها …

[1] لحصان طروادة قصة معروفة وهي عندما حاصر الإغريق مدينة طروادة، استمر الحصار لسنوات، فصنعوا حصانا خشبيا كبيرا وملؤوه بالجنود، ثم تظاهر الجيش بالانسحاب، وقبل أهل طروادة الحصان على أنه عرض للسلام، وعندما أدخل الحصان الخشبي للحصن خرج الجنود للهجوم على الحصن وسيطروا عليه. وسميت برامج السيطرة على الأجهزة بهذا الاسم كونها تقوم بالدور الذي لعبه حصان طروادة.

[2] ما يباع تحديدا هي المعلومات حول موقع الروبوت وكلمة السر للتحكم به.

اليومية القادمة: شبكات الروبوت 22