مشرفي وعلاقته بكامبريدج والقهوة العربية

كانت اليومية السابقة آخر يومية لي في الشركة، وستكون اليوميات المتبقية حول جامعة كارنيجي ميلون ولكن في نفس الوقت خلال الفترة التي قضيتها في بوسطن.

سأتحدث اليوم عن مشرفي لبحث الدكتوراة في الجامعة وعلاقته هو وعائلته العلمية بمدينة كامبريدج Cambridge. فهو يكثر التردد على كامبريدج، ومن أسباب ذلك أنه وقتها كان ابنه الأصغر يدرس في جامعة هارفارد في تخصص الفلسفة، وكان ابنه الأكبر يدرس ماجستير إدارة الأعمال (MBA) في جامعة هارفارد أيضا وسبق له الدراسة في نفس الجامعة والتخرج منها قبل سنوات من قسم علوم الحاسب. وفوق هذا فمشرفي نفسه أنهى الدكتوراة عام 1975 م من معهد ماسيتشيوسيس للتقنية بمدينة كامبريدج. وسبق له ولزوجته قبل سنة وأن طلبا تفرغ علمي لمدة سنة من الجامعة للعمل في كامبريدج. وزوجته بالمناسبة دكتورة أيضا في نفس الجامعة (جامعة كارنيجي ميلون) ولكن في كلية علوم الحاسب. وقد عمل في سنة التفرغ في معهد ماسيتشيوسيس للتقنية، وعملت زوجته في جامعة هارفارد. إضافة إلى ذلك فإن زوجته لها اتصال بشركة بي بي إن التي كنت أعمل فيها، إذ أن أحد أبحاثها له علاقة بعمل الشركة.

هذا عن علاقة هذه العائلة بمدينة كامبريدج، ولكن ماذا عن مشرفي نفسه ..

أما عن اسمه فهو جوزيه مورا José Moura وأما عن بلده فهو برتغالي الأصل. وإضافة لعمله كأستاذ في قسم هندسة الكهرباء والحاسب فكان وقتها رئيس الجمعية الفرعية لتحليل الإشارات بجمعية مهندسي الكهرياء والإلكترونيات IEEE لدورة عامي 2008 و 2009 م، وهو منصب تطوعي كبير يجعل منه شخصية معروفة لأساتذة الجامعات والباحثين في هذه المجال. والجميل في جوزيه هو تواضعه رغم كبر سنه ومنصبه وخبرته، ومن ذلك أنه يطلب منا نحن طلبته مناداته باسمه الأول جوزيه. والأمر الآخر الجميل في جوزيه هو رغم أنه يعمل في الجامعة منذ أكثر من 20 سنة إلا أنه دائم التواصل مع بلده الأم البرتغال ويزورها سنويا على الأقل لمدة أسبوعين هو وزوجته مانويلا فيلوسو Manuela Veloso، والتي بالمناسبة كانت أحد طلبته في مرحلة الماجستير عندما كان يدرّس في إحدى الجامعات في البرتغال.

ومن تعلقه ببلده أنه يدير برنامج مشترك بين الجامعة وحكومة البرتغال بميزانية قدرها 100 مليون دولار بهدف التعاون المشترك في مجالي التعليم والبحث مع 12 جامعة برتغالية. البرنامج يوفر منح دراسة كاملة للطلبة البرتغاليين المتميزيين في مرحلتي الماجستير والدكتوارة ويقدم برنامج دراسة مشترك بين جامعة كارنيجي ميلون وعدد من جامعات البرتغال.

أثناء عملي في شركة بي بي إن، وفي الصيف الذي قبله أثناء عملي في شركة سيسكو في ولاية نيو هامشير والتي كانت تقع على بعد ساعة من كامبريدج، كنت على تواصل مع جوزيه بخصوص بحثي وذلك عن طريق اللقاءات الشخصية. وكان جوزيه في العام الماضي وفي كل مرة نلتقي فيها يصف لي مقهي أو مكان معين في مدينة كامبريدج لنتقابل به، أما هذه السنة فقد اختار مكانا مناسبا وصرنا نلتقي فيه كل مرة، وكان اللقاء الأول في إجازة نهاية الأسبوع وتحديدا صباح يوم السبت. وكان اسم المقهى Café Algiers كافيه ألجيرز بالقرب من جامعة هارفارد، و Algier هو الاسم الفرنسي للجزائر، فالمقهى عربي وصاحبه فلسطيني.

ما يعجب جوزيه في هذا المقهى هو قهوته العربية، مع ملاحظة أنها ليست مثل القهوة السعودية ولكنها ما نسميها في السعودية بالقهوة التركية، وهي منتشرة في البلدان العربية الأخرى. أما ما يعجبني في المقهى فهو تصميمه، فهو يذكرني بتصميم المقاهي التي كنت أراها في بعض المسلسلات المصرية عندما كنت صغيرا. المقهى عبارة عن دورين، الطاولات التي فيه صغيرة متقاربة، الأثاث كله بما في ذلك الطاولات والكراسي والمصابيح والجدران ذات طراز عربي شعبي، المشروبات الساخنة العربية على قائمة الطعام متنوعة، ربما الشيء الوحيد الذي ينقص المكان لعبة الطاولة التي كان يلعبها مرتادو المقاهي في المسلسلات المصرية. ومن شدة إعجابي بالمكان زرته بعدها خلال فترة عملي في كامبريدج ثلاث مرات، أولاها كانت في نفس الليلة مع اثنين من الأصحاب.

بعد انتهائنا من الحديث عن بحثي وعلاقته بالبحث الذي أقوم به في الشركة، قلت له سأراك بعد قليل في لقاء الخريجين في متحف العلوم.

فما هو لقاء الخريجين؟ سيكون هذا حديثنا في اليومية القادمة ..

اليومية القادمة: وتبقى الصلة بعد التخرج