خطوة بخطوة … التقديم على الجامعات الأمريكية المتميزة

لا يخفى على أحد توجه المملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان العربية والإسلامية لابتعاث أبناءها وبناتها للدراسة في الخارج، وهذا التوجه يتيح للمبتعثين الاستفادة من علوم وتجارب بلاد العالم ونقلها لبلداننا. ولكن ما يؤسفني أن عددا غير قليل من المبتعثين لا يحرص كثيرا أو ربما لا يعرف كيفية البحث عن قبول في جامعة متميزة في تخصصه تتناسب مستواه الدراسي، مما ينتج عنه دراسة بعض الطبة في جامعات أقل من مستواهم وأحيانا أقل بكثير من مستواهم، فبالتالي يضيع قدر كبير من الفائدة المرجوة من الابتعاث.

وبناء على تجربتي واطلاعي على خطوات  التقديم على الجامعات الأمريكية ولحاجة من قرر مواصلة الدراسة العليا لعدد من النصائح للتقديم على هذه الجامعات فقد ألقيت محاضرة بجامعة الملك سعود بعنوان “خطوة بخطوة … التقديم على الجامعات الأمريكية المتميزة” تحدثت فيها تحديدا عن التقديم على الجامعات الأمريكية المتميزة لمواصلة دراسة الماجستير والدكتوارة.

يمكن الاطلاع على شرائح العرض الخاصة بالمحاضرة من خلال هذا الرابط على صفحتي في جامعة الملك سعود:
http://fac.ksu.edu.sa/sites/default/files/stepbystepapplyingtotopusschools.pdf

كما أنصح الراغبين في التقديم على الجامعات الأمريكية بالاستفادة كذلك من مرجع آخر وهو كتيب الزميل الدكتور نزيه العثماني الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الكهربائية بكلية الهندسة في جامعة الملك عبدالعزيز بعنوان “إجراءات القبول والدراسات العليا في أمريكا” والذي عودنا دائما على الإتقان والتفاني في إخراج ما يكتب، يمكن القراءة أكثر عن الكتاب وتحميله من خلال هذين الرابطين من مدونته:
http://alothmany.me/blog/?p=321
http://alothmany.me/blog/?p=377

هل الماجستير تصلح لي؟

نشرت هذه التدوينة كمقال في رسالة الجامعة – العدد 1057 – تاريخ 1432/5/26 هـ الموافق 2011/4/30 م

ناقشت في المقال السابق متى تكون دراسة الدكتوراه خياراً صائباً للمرء، وسأتحدث في هذا المقال عن دراسة الماجستير. وسأتطرق في حديثي إلى سؤالين فرعيين هما: ما هي طبيعة التخصص الذي أدرسه؟ وهل أدرس مباشرة بعد التخرج أم أؤجل ذلك بعد أن أمارس العمل الميداني لعدد من السنوات؟

ابتداء دراسة الماجستير أسهل وأقصر بكثير من دراسة الدكتوراه إذ إن مدة الدراسة تتراوح من سنة إلى سنتين «دون احتساب مدة دراسة اللغة» كما أن إجراء الأبحاث فيها اختياري. ولكن دراسة الماجستير ليس لها قيمة وظيفية تذكر خاصة للمتخرج حديثاً الذي يريد العمل في شركات القطاع الخاص، وغالباً ما تفضل الشركات موظفاً متخرجاً حديثاً لديه خبرة وظيفية مدتها سنتان على آخر قضى هاتين السنتين في دراسة الماجستير. لذا من المفترض ألا تختار دراسة الماجستير لأسباب وظيفية إلا إن كنت متيقناً من فائدتها الوظيفية لك في ترقية مرتبتك الوظيفية وما يتبع ذلك من زيادة دخلك.

فما هي الأسباب التي يراها الناس مقبولة لتبرير دراسة الماجستير؟ تنحصر الأسباب في ثلاثة: أولها حب طلب العلم والاستزادة منه سواء كان ذلك في نفس التخصص أو تخصص جديد، السبب الثاني يتعلق بشعور الشخص بحاجته للتميز خاصة إذا كان من المتميزين في دراسته أثناء البكالوريوس، أما الثالث فهو الرغبة في الابتعاث والعيش في الخارج سواء كانت دواعي ذلك رفع مستوى اللغة الإنجليزية أو المتعة أو صقل الشخصية واكتساب الخبرة.

قد يضيف البعض أن من جملة الأسباب المقبولة لدراسة الماجستير هو اكتساب معلومات جديدة تساهم في التطوير الوظيفي. وصحيح أن دراسة الماجستير تساهم في ذلك ولكنها ليست الطريقة الأمثل، إذ إن الطريقة المثلى هي من خلال دورات مختارة بعناية أو مصممة لطبيعة عملك، بحيث تكون التكلفة فيها أقل والوقت أقصر.

ولكن بإمكان دراسة الماجستير أن تكون مفيدة لك وظيفياً إذا درستها مع التركيز على ما تحتاجه طبيعة عملك. ولكن الإشكالية أن المرء لن يعرف طبيعة عمله إلا بعد سنوات من العمل، وهذا مما يشجع على العمل بعد التخرج واكتساب الخبرة قبل إكمال الدراسة. فمن كانت طبيعة عمله في مجال هندسي دقيق استطاع أن يواصل دراسة الماجستير في هذا المجال، ومن كان مجال عمله متعلقاً بكتابة العقود في مجال تخصصه فدراسة القانون تبدو خياراً مناسباً له، ومن كانت طبيعة عمله في كتابة الأنظمة المتعلقة بالاستخدامات الهندسية أمكنه مواصلة دراسته في مجال الإدارة والسياسات العامة، ومن كان يعمل في إدارة الموارد البشرية فإن مواصلة دراسته في هذا المجال خيار موفق له، ومن كان عمله في إدارة الأعمال فإن دراسة ماجستير إدارة الأعمال «MBA» خيار مناسب جداً له.

ولكن يجدر بك أن تتنبه أنك كلما كبرت ثقلت بك نفسك عن مواصلة الدراسة سواء كان ذلك لأسباب داخلية من بعدك عن بيئة الدراسة لسنوات، أو لأسباب خارجية من مثل ارتباطك بوظيفة أو مركز وظيفي يصعب عليك تركه، أو زوجة وأولاد كبرت أعمارهم وتخشى عليهم من الإقامة في الخارج، فهذا أمر عليك أن تبت فيه وتصلي الاستخارة وتقوي علاقتك بربك فهي سبب للاستقرار النفسي.

رابط المقال في رسالة الجامعة: http://rs.ksu.edu.sa/46415.html

هل الدكتوارة تصلح لي؟

نشرت هذه التدوينة كمقال في رسالة الجامعة – العدد 1056 – تاريخ 1432/5/19 هـ الموافق 2011/4/23 م

حرصت الممكلة على أن يتحول مجتمعنا إلى مجتمع المعرفة، وكسبيل لتحقيق ذلك وفرت الدولة فرص الابتعاث الخارجي لمواصلة الدراسات العليا عن طريق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي تشرف عليه وزارة التعليم العالي، مما جعل أحد أكثر الأسئلة الملحة التي يطرحها المتخرج حديثا هو “هل أواصل دراستي العليا في الخارج أم لا؟” وسأناقش في هذا المقال رأيي الشخصي حول إجابة هذا السؤال فيما يخص دراسة الدكتوارة، وسأخصص المقال القادم للحديث عن دراسة الماجستير.

بداية أرى أن شهادة الدكتوراة يفترض ألا يسعى لها المرء إلا لغرضين أساسيين، الأول العمل كأستاذ جامعي في مجالات التدريس والبحث وخدمة المجتمع. والثاني العمل كباحث في مركز أبحاث كمدينة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. قد يخالفني البعض ويضيف أن من أغراض شهادة الدكتوارة المساعدة في الحصول على وظيفة مرموقة. ورأيي أن بإمكانها أن تفيد ولكن بعد أن تمارس عملك في جامعة أو مركز بحثي لعدد من السنوات تبني خلالها علاقاتك ومهاراتك ومعلوماتك المتعلقة بسوق العمل، إذ أن شهادة الدكتوارة بذاتها لا توظفك في منصب إداري عالي، فليس من المتخيل أن يرجع المرء من الابتعاث ويتوظف في مثل هذا المنصب إلا أن يكون له خبرة وظيفية سابقة أو علاقة بالجهة التي وظفته.
لذا فإن على من يفكر بإكمال دراسة الدكتوارة أن يفكر أولا بطبيعة عمله بعد تخرجه ورجوعه سالما إلى وطنه. عليه أن يطرح على نفسه السؤال التالي ويفكر بشكل جاد في إجابته عليه: هل أحب البيئة الجامعية؟
ويندرج تحت هذا السؤال الأسئلة التالية: هل أحب العمل كأستاذ جامعي؟ هل سأحب التعامل مع الطلاب؟ هل سيكون لي صبر على التدريس؟ هل أرغب بالاستمرار بزيادة حصليتي العلمية وإجراء الأبحاث العلمية؟
إذا كنت لا تحب من البيئة الجامعية الجوانب المتعلقة بالتدريس، ففكر في العمل في مركز بحثي، وهنا تندرج الأسئلة التالية: هل تحب العمل في بيئة بحثية؟ هل تجد نفسك في البحث العلمي؟ هل تحب زيادة حصيلتك العلمية؟
تذكر أن دراسة الدكتوارة ومن قبلها دارسة الماجستير واللغة ستأخذ قدرا كبيرا من عمرك (5-9 سنوات)، فلا تصرف كل هذه السنوات إلا من أجل العمل في وظيفة ستحبها.
فإذا كنت تحب العمل كأستاذ جامعي أو كباحث في مركز بحثي، فاطرح على نفسك السؤال التالي: هل لدي الجلد والقدرة لدراسة الدكتوارة؟ هل لدي الاستعداد أن أسهر وأنام وأستيقظ وأنا أفكر في حل مسألة بحثية معينة سأشعر أحيانا أنها مسألة لن تقدم ولن تؤخر في العالم شيئا؟

إذا أجبت على هذه الأسئلة بنعم فهذا مؤشر قوي أن دراسة الدكتوارة تصلح لك، ويبقى عندها أن تقارن خيار دراسة الدكتوارة بباقي خياراتك الوظيفية وتستشير عدد جيد من ذوي المعرفة والخبرة وتصلي الاستخارة وتتوكل على الله.

رابط المقال في رسالة الجامعة: http://rs.ksu.edu.sa/45307.html

الاستعداد لسوق العمل … التدريب الصيفي (Internship) وسيلة إلى ذلك

نشر هذا المقال في مجلة المبتعث الصادرة عن الملحقية الثقافية السعودية بواشنطن – عدد 188من شهر رجب عام 1430 هـ الموافق 2009/7/1 م

من الغني عن القول أن المبتعث لن يبقى طالبا في الجامعة طوال عمره، ففترة بقائه في الولايات المتحدة مؤقتة وفي النهاية سيعود لوطنه أملا في أن يكون له دور إيجابي في نهضته من خلال المساهمة في بناء مجتمعه وأسرته ومن خلال تلبية متطلبات سوق العمل هناك. ولأن حياة الطالب الجامعية تختلف كثيرا عن حياة الموظف العملية، فإن على الطالب الذي يرغب في المنافسة والحصول على وظيفة مرموقة ألا يكتفي بالاهتمام بمستواه الأكاديمي، وأن يصرف من وقته لتوسيع مداركه وتنمية مهاراته. ولا يتأتى ذلك من خلال الاكتفاء بالمنهج الدراسي، بل على الطالب أن يتجاوز ذلك للمشاركة في الأنشطة المختلفة سواء كانت أنشطة طلابية على مستوى الجامعة أو اجتماعية على مستوى المدينة التي يسكن فيها لما في ذلك من إسهام في تنمية المهارات وصقل المواهب، كما عليه أن يحرص على حضور المناسبات الثقافية في جامعته ومدينته من محاضرات ودورات وندوات ونقاشات والتي لها الأثر الإيجابي في توسيع المدارك واكتساب المهارات والمعلومات. إضافة إلى ذلك فإن على الطالب إن أراد أن تكتمل تجربته العلمية والعملية في الولايات المتحدة أن يسعى أن يطبق ما تعلم من خلال العمل في إحدى المؤسسات أو الشركات بشكل مؤقت وهو ما يعرف بـ (Internship) أو التدريب أو التطبيق، والذي يكون عادة خلال فترة الإجازة الصيفية. وهو ما سأتناوله في مقالي هذا لأبين أهميته وأذكر بعض النصائح في كيفية الحصول عليه.
يمكن تلخيص أهمية التدريب الصيفي بأنه يهيئك لسوق العمل لإعطائك ميزة عند التقديم والبحث على وظيفة بعد التخرج. فالتدريب الصيفي يكسبك خبرة عملية في تخصصك لا تجدها في المقرر الدراسي، لذا فإن المسؤولين عن توظيف المتخرجين حديثا من الجامعات في سوق العمل الأمريكيي في كثير من الأحيان قد لا يميلون إلى الطالب المتخرج بتفوق ولكن من غير خبرة وظيفية ويفضلون عليه الطالب الأقل مستوى ولكن بخبرة وظيفية، وطبعا هذا يعتمد على طبيعة الخبرة الوظيفية والفارق في المستوى الدراسي إضافة إلى عوامل أخرى. ولعل أبرز أسباب هذا التفضيل هو أن من سبق له التدرب فإنه تعلم الفرق بين الدراسة والعمل وتسنى له التنبه للأمور التي تساعده أكثر لأن يكون موظفا ناجحا.
كما أن من فوائد التدرب خلال فترة الصيف في الولايات المتحدة أنها تكسبك الثقة بالنفس وثقة الآخرين بأنك تستطيع المنافسة والعمل في سوق العمل الأمريكي، مما له الأثر الإيجابي بعد تخرجك. إضافة إلى ذلك فمن فوائد العمل في الصيف المردود المادي الذي تحصل عليه من الجهة التي تعمل لديها والذي يعتمد بطبيعة الحال على تخصصك ومستواك الدراسي.
وسأصرف ما تبقى من مساحة في هذا المقال لإعطاء عدد من النصائح -مرتبة على شكل خطوات- بناء على تجربتي الشخصية في الحصول على وظيفة متدرب، وقبل أن أبدأ أريد أن أوضح أنه لا توجد خلطة سحرية للحصول على وظيفة، فالأمر يعتمد على عزيمتك على البحث، وقدراتك في تسويق نفسك والتواصل مع الآخرين وهذين الأمرين يعتمدان على تخصصك ومستوى الجامعة التي تدرس فيها، ومستواك الدراسي ومهاراتك العملية.

الخطوة الأولى: إعداد نسخة أولية من السيرة الذاتية (Resume)
أعد نسخة أولية من سيرتك الذاتية وخصص فيها جزءا لذكر درجاتك العملية، وتحت كل درجة اذكر الجهة الدراسية ومعدلك وفترة الدراسة، وإن كنت ما زلت تدرس فاذكر التاريخ المتوقع لتخرجك، وخصص جزءا آخر لذكر خبراتك العملية السابقة، ولا تكتفِ بذكر اسم الشركة أو الجهة والمدة التي قضيتها هناك فقط، بل اذكر ماذا عملت هناك بشكل مختصر حتى يستطيع من يقرأ سيرتك الذاتية أن يأخذ انطباع جيد عن خبرتك العملية. إن لم تكن لديك خبرة عملية فقد يكون من المناسب العمل داخل أروقة الجامعة أولا من خلال المساعدة في التدريس أو البحث العلمي أو العمل في المكتبة بحيث تستطيع ذكرها لاحقا في سيرتك الذاتية.
اذكر أيضا المشاريع الدراسية التي قمت بها أثناء دراستك، ولا تكتفِ بذكر العنوان ولكن اشرح بشكل بسيط ما قمت به، كأن تقول مثلا عملت مع فريق مكون من ثلاثة طلاب ودرسنا مجموعة من الخوارزميات لدراسة أثر ظاهرة معينة على سلوك معين، ثم طبقنا هذه الخورزميات من خلال كتابة برامج باستخدام الحاسب الآلي وأجرينا مقارنة بين نتائج كل خوارزمية. واذكر أيضا الأبحاث العلمية المنشورة إن كنت من طلبة الدراسات العليا.
من الأمور التي يتعين ذكرها هي مهاراتك مثل ذكر لغات البرمجة التي تعرفها (جافا، سي، …) وبرامج الحاسب الآلي التي تجيدها (ماتلاب، إكسل، باور بوينت، …)، ومن ضمن المهارات التي تستطيع ذكرها هي اللغات التي تتقنها (العربية مثلا) إذ أن بعض الوظائف قد تتطلب أو تعطي أولوية لمن يتحدث لغات معينة. وعند ذكر المهارات فإن من المهم ألا تذكر شيء لا تجيده، ففوق أن ذلك يعد كذبا، فإنه قد يتسبب لك بإحراج بالغ إذا ما عرف الموظف الذي يقابلك أنك لا تجيد هذه المهارة.
يمكنك أيضا ذكر المواد التي أخذتها التي لها علاقة في تخصصك حتى يستطيع من يقرأ سيرتك الذاتية أن يحدد إن كنت مناسبا للوظفية التي يريدها. واذكر كذلك الدورات التدريبية التي حضرتها أو الشهادات التي حصلت عليها.
وإن تبقى لديك بعض المساحة فاسرد أيضا المناصب التي تقلدتها أو الأعمال التي قمت بها أثناء عملك في الأنشطة الطلابية مثل الأندية السعودية أو غيرها على مستوى الجامعة. واذكر أيضا الجوائز والأوسمة التي حصلت عليها.

الخطوة الثانية: احضر المحاضرات التي تقدمها جامعتك في كيفية الحصول على وظيفة
تقيم كثير من الجامعات (عادة ينظمها مكتب المهنة في الجامعة) محاضرات في كيفية الحصول على وظيفة، أبرز هذه المحاضرات هي عن كيفية كتابة السيرة الذاتية، فبعد حضورك لهذه الدورة ستستطيع تنقيح سيرتك بشكل ممتاز، كما أنه في بعض الأحيان يوفر مكتب المهنة في الجامعة خدمة مراجعة السيرة الذاتية في اجتماع فردي بحيث تأخذ ملاحظات الموظف المختص حول سيرتك مباشرة.
هناك أيضا عدد آخر من المحاضرات التي يمكنك حضورها مثل محاضرة في كيفية التصرف عند إجراء المقابلات سواء الهاتفية أو الشخصية، إذ أن المقابلة هي الخطوة التي تتخذها الشركة التي تبحث عن موظف بعد قراءة السيرة الذاتية، حضور هذه المحاضرة سيساعدك على معرفة الأسئلة المتوقعة، وكيف تجيب عليها، وكيف تتعامل مع السؤال إذا كنت لا تعرف إجابته أو لم تكن لديك إجابة جيدة له، إضافة إلى أن هذه المحاضرة تشرح لك كيف تبرز مهاراتك وكيف تترك انطباع جيد لدى الشخص الذي يقابلك. كما أن بعض الجامعات قد توفر فرص لإجراء مقابلات غير حقيقية بغرض الاستعداد لمقابلة حقيقية وهي ما تعرف بـ (Mock Interview).
ولأن البحث على وظيفة في الولايات المتحدة يحتاج إلى جهد وتنظيم، فإن إحدى المحاضرات التي قد تعطى في جامعتك هي عن تنظيم عملية البحث والتقديم على الشركات المختلفة، من مثل تحديد الشركات التي تريدها، وطريقة البحث من خلال مواقع الشركات على الإنترنت، أو من خلال مواقع قوائم الوظائف سواء التي تحتضنها الجامعات أو المواقع التجارية، هذه المحاضرة ستغطي أيضا الأمور التي عليك تجهيزها وطريقة التقديم والتواصل عبر البريد الإلكتروني، وكيف تتابع أوراقك.
بعض الجامعات تقيم محاضرة في الاستفادة القصوى من يوم المهنة الذي تقيمه جامعتك وسيأتي الحديث عن هذا اليوم في الخطوة الرابعة.

الخطوة الثالثة: حدد طبيعة العمل الذي تريده
بعدما جهزت سيرتك الذاتية وصار لديك المهارات المطلوبة للبحث عن وظيفة، فإن أول خطوة تتخذها للبدء في البحث هو تحديد طبيعة الوظيفة الذي تريدها، ومواصفات الجهة التي ترغب العمل بها، والمدة التي تستطيع العمل خلالها وذلك لأن بعض الشركات تشترط العمل لمدة معينة كحد أدنى (مثال: شركة جوجل Google) خلال فترة الصيف، كما أن عليك تحديد إذا كنت تستطيع العمل خارج المدينة التي تقيم فيها، أو أن ظروفك العائلية تحتم عليك العمل في المدينة التي تقيم فيها. وهنا ينبغي إدراك الفرق بين طالب البكالريوس والماجستير والدكتوراة، فطالب البكالريوس يكون أقل تخصصا في مجاله، وعادة يوظف في مجالات لها علاقة بإجراء امتحانات لقياس جودة منتج معين والتي قد تكون مملة لطالب الماجستير إذ ليس فيها عنصر تحدي. أما طالب الماجستير وطالب الدكتوارة كذلك إذا كان في سنواته الأولى فهو بداية حاصل على شهادة جامعية غير أنه أكثر تخصصا في مجاله فبالتالي ستكون طبيعة عمله مختلفة، أما طالب الدكتوراة خاصة عندما يقطع شوط في مجال بحثه فقد تقل الفرص الوظيفية في بعض الشركات ويعتمد توظيفه على طبيعة تخصصه الدقيق، كما أنك لو كنت طالب دكتوراة فإنك قد ترغب العمل في مشروع ذي علاقة مباشرة ببحثك حتى لا يتعطل بحثك وفي نفس الوقت تستفيد من العمل مع آخرين في إحراز نتائج في بحثك، وإن كنت لا تمانع العمل في مجال مختلف عن بحثك. فإن هذا سيزيد من فرص حصولك على عمل في الصيف.
بعدما تعرف إجابات الأسئلة السابقة عليك بتجهيز فقرة بسيطة تذكر فيها خلفتيك العلمية وما هو المجال أو المجالات الذي تريد أن تعمل فيه، وتشرح كيف أن التدريب سيمكنك من إفادة نفسك وإفادة الشركة، بحيث تضع هذه الفقرة كجزء من مراسلاتك للشركات. إضافة إلى ذلك فإنه من المناسب وضع جملة قصيرة في بداية سيرتك الذاتية تلخص هدفك من الوظيفة وهو ما يعرف بـ (Objective)، بحيث عندما تقرأها الشركات المختلفة تعرف ماذا تريد من الوظيفة التي تبحث عنها، واحرص أن تكون دقيقا في توصيف ما تهدف إليه ولكن في نفس الوقت أضف في آخر الجملة أنك لا تمانع العمل في مجالات أخرى حتى تبقي فرصة التوظيف أكبر.

الخطوة الرابعة: احضر يوم المهنة في جامتعك
حضور هذا اليوم قد يكون أفضل فرصة لك للحصول على وظيفة، إذ تحرص الجامعات المتميزة على توظيف طلبتها من خلال جلب موظفين من عدد كبير من الشركات في يوم واحد وتحت سقف واحد. ويعرف هذا اليوم بعدة مسميات منها (Employment Opportunities Conference) أو ما يعرف اختصارا بـ (EOC) وأحيانا يطلق عليه (Technical Opportunities Conference) ويكون للوظائف المرتبطة بالتقنية وأحيانا (Business Opportunities Conference) ويكون مرتبط بالوظائف المرتبطة بإدارة الأعمال، وأحيانا يطلق عليه (Career Day) ويتيح لك هذا اليوم فرصة الحديث المباشر مع أحد موظفي الشركة لمعرفة طبيعة عمل الشركة والمجالات المتوفرة فيها، هذا غير أن بعض الشركات تقيم وبالتزامن مع يوم المهنة (سواء في نفس اليوم أو الأيام التي قبله أو بعده) محاضرات تعريفية عن الشركة إضافة إلى إجراء مقابلات وظيفية للبحث عن موظفين أو متدربين للصيف. ولا يفوتني أن أقول هنا أنك إن كنت تدرس في جامعة متميزة في مجالك، فإن ذلك يقتضي أن الشركات المتميزة تحرص للحضور لجامعتك، بعكس الجامعات الأقل تميزا إذ قد لا تحرص عليها الشركات المتميزة.
ما عليك القيام في هذا اليوم بشكل مختصر هو تحديد الشركات التي تناسبك، ثم تمر على طاولات هذه الشركات وتعطيهم نسخة من سيرتك الذاتية وتقدم نفسك وتقول ما ترغب بذكره خلال 15 ثانية وهو ما يعرف بـ (Pitch) وذلك للحصول على انتباه الشخص بحيث تذكر معلومات أساسية عن نفسك إضافة إلى ما تبحث عنه.
تختلف الشركات اختلافا كبيرا في طريقة التوظيف، فمنها من يجيب على أسئلتك فقط ويأخذ نسخة من سيرتك الذاتية، وغيرها تسعى للتعرف أكثر عليك وإن كانت الوظائف التي لديهم تناسبك، بعضهم قد يعرض عليك إجراء مقابلة أثناء فترة تواجدهم في جامتعك، أو يطلب منك حضور المحاضرة التعريفية التي ستقيمها الشركة في جامعتك. النصيحة القابلة للتطبيق بغض النظر عن طبيعة الشركة هي أن تقوم بتسويق نفسك بناء على طبيعة الشركة التي تقدم عليها، فإذا كانت الشركة تعمل في الأبحاث فتبرز قدراتك البحثية، وإذا كانت الشركة تعمل في كتابة البرامج فتبرز قدراتك البرمجية، أما إذا كانت الشركة متخصصة في مجال معين، فتبرز المواد أو المشاريع التي مرت عليك أثناء دراستك في هذا التخصص.

الخطوة الخامسة: قدم على الشركات التي تريدها من خلال مواقعها مباشرة
إذا لم تحضر بعض الشركات التي ترغب بالتقديم عليها ليوم المهنة، فبإمكانك التقديم عليها مباشرة من خلال مواقعها على الإنترنت، إذ أن كثيرا من الشركات العملاقة توظف في الصيف مئات المتدربين، فتخصص في موقعها صفحة خاصة بالتقديم بحيث تضع سيرتك الذاتية وغيرها من المعلومات التي تطلبها.

الخطوة السادسة: وسع علاقتك المهنية
من أقوى الطرق للحصول على وظيقة هي استخدام علاقاتك المهنية والتي تمكنك من التواصل المباشر مع موظفين يعملون في الشركة التي ترغب العمل بها، وهو ما يعرف بـ (Networking). كيف تستطيع التواصل مع هؤلاء؟ ابدأ بمن تخرج من جامعتك وعمل في تلك الشركة، استشر زملائك في الجامعة كيف حصلوا على وظائف، إذا كان لديك مشرف على بحثك فاسأله، إن كنت تعرف أحد من الإخوة المسلمين أو العرب في الشركة التي تريد العمل بها فتواصل معه. أيضا تقيم بعض الجامعات ما يعرف بـ (Networking Events) والتي يحضرها إليها عدد من طلبة الجامعة الحاليين والسابقين بحيث يستفيد الطلبة الحاليين من الطلبة السابقين في البحث عن وظيفة.

الخطوة السابعة: متابعة الطلبات وانتظار طلب المقابلات
في حالة التقائك بموظف في إحدى الشركات سواء كان ذلك من خلال لقاء عابر أو من خلال مقابلة مطولة فاحرص أن ترسل له إيميل تعبر فيه عن سعادتك بالالتقاء به وتلخص له ما تريد وترفق له نسخة إلكترونية من سيرتك الذاتية وتطلب منه أن يمرر رسالتك لموظفين آخرين في الشركة، وتذكر أنك تتطلع لسماع أخبار طيبة منه.
وفي الختام أنبه على أمرين الأول أهمية الرجوع لمكتب الطلبة الأجانب في جامعتك لمعرفة الإجراءات المطلوبة حتى تتمكن من العمل في الولايات المتحدة تحت نظام (Optional Practical Training) أو ما يعرف اختصارا بـ (OPT). أما الأمر الثاني فإن كل ما ذكر في هذا المقال ما هي إلا وسائل للحصول على وظيفة متدرب صيفي، وما يهم في الأخير هو مستواك الدراسي ومهاراتك العملية وسمعة الجامعة التي تدرس فيها، فقوي نفسك في هذه المجالات ثم وسع علاقاتك، كن مقداما، تعرف على الناس، ولا تخجل.

أسأل الله لك التوفيق في الحصول على وظيفة متدرب …

خواطر مبتعث بعد غياب عامين عن الرياض

نشرت هذا المقال قبل أربع سنوات في مجلة “صوت المبتعث” المحتجبة، وأعيد نشره في مدونتي.

ما لفت نظري بعد إعادة قراءة المقال هو كيف أني لم أعد أستشعر كيف كانت شوارع الرياض وأسواقها قبل ست سنوات من الآن! يبدو أن ذاكرتي بفعل كثرة التغيرات وسرعتها لم تعد قادرة على تذكر ما كان يحدث قبل سنوات بسيطة، فما بالكم بتذكر ما حدث قبل سنوات كثيرة!

جامع الراجحي – الرياض

بعد غياب عامين عن الرياض

خواطر مبتعث

أكتب خواطري هذه خلال زيارتي الأخيرة للرياض في صيف 2006 م الموافق لعام 1427 هـ، وذلك بعد مرور عامين كاملين لم أزر فيهما مدينة الرياض. وقد تسنى لي بعد غياب هذه المدة رؤية مقدار التغير الذي طرأ على المدينة. مما ولد في نفسي خواطر أحببت أن أسجلها وأشاركها مع غيري من سكان عاصمة بلدنا الغالي وخاصة زملائي المبتعثين الذين حال بينهم وبين زيارتها إما انتهاء تأشيرات دخولهم، وخوفهم من عدم إعادة إصدارها عند زيارة الرياض أو انشغالهم بمتطلبات الدراسة. وقد ارتأيت أن أقتصر على ما يشاهده الزائر من تغير أثناء تجواله في شوارع ومعالم العاصمة والتي تدخل ضمن ما يمكن وصفه بالتغيرات العمرانية والمدنية، والتي هي بدورها نتاج لتغيرات في أنماط وسلوكيات الناس. دون الخوض في تفصيل التغيرات التي طرأت على هاتين الأخيرتين وذلك لعظم التغير فيهما، ولكونهما يستحقان تدوينا مستقلا مع مزيد من التدقيق والملاحظة.

لعل أول ما يلاحظه زائر مثلي عند قدومه من المطار الازدياد الهائل في أعداد المجمعات والأسواق التجارية الحديثة، فقد اكتظ الطريق الدائري الشرقي على سبيل المثال مع مخارجه المتعددة ومن شماله إلى جنوبه بأسواق ومجمعات عدة، بعدما كانت الأراضي الخالية هي السمة السائدة في أغلب جنباته. وبذلك لم تعد الأسواق حكراً على الأحياء الممتدة على طريق الملك فهد، بل إنني عندما أقود سيارتي في بعض أجزاء الطريق الدائري الشرقي أحس أنني في طريق الملك فهد وذلك من شدة ازدحام الطريق الناتج عن هذا النمو، هذا مع أن الطريق صار يحوي خمسة مسارات، وبه مخرجان مصممان حديثا بتصميم ذكي يسهل حركة المرور ويستغني عن الإشارات المرورية. كما أن الطريق الدائري الشمالي بدأ يلحق بأخيه الشرقي، فقد أصبح الطريق يحوي خمسة مسارات وبدأت تظهر المجمعات على جانبيه، بل وأصبحت حركة السير فيه شبيهة بحركة السير على الطريق الدائري الشرقي سابقاً بعدما كان قبل سنوات قلائل فقط طريقا شبه خاوي. لا شك أن لاتساع مساحة الرياض المستمر وازدياد عدد السكان والذين يقارب الأربعة ملايين ونصف نسمة دور في ازدياد عدد الأسواق، فقد وفر هذا النمو فرصا تجارية واستثمارية ببناء مجمعات وأسواق عدة والابتعاد عن مراكز التسوق الأخرى في المدينة، وفي هذا التوسع خدمة لسكان الأحياء التجارية الأخرى عن طريق تخفيف تزاحم السيارات على أحيائهم.

بيد أن ما سبب استيائي البالغ استخدام ملاك المجمعات والأسواق التجارية الحديثة لكلمات أجنبية مثل سنتر، مول، جاليريا، بلازا، سيتي، لاند، هايبر ماركت. ويلاحظ في هذه الكلمات أنها أوصاف وليست مسميات، إذ قد يتعذر بعض ملاك هذه المجمعات بعدم وجود مسميات عربية مناسبة لم يسبقهم غيرهم إليها، ولكن المشاهد أن غالب أسماء الأسواق هي هجين بين لغتين، فتجد اسما عربياً ووصفاً أجنبياً. حقيقة أبدي امتعاضي واستغرابي الشديدين لهذه الظاهرة والتي لم تكن موجودة من قبل فضلاً أن تكون منتشرة. والتي تدل على عدم اعتزاز باللغة العربية لدى المستثمرين والمستهلكين على حد سواء، ورغبة في محاكاة الغرب وتقليده بطريقة سطحية دون الاعتبار بمكونات مجتمعنا الثقافية والتاريخية. كان بودي من أمانة مدينة الرياض، وهي الجهة المسؤولة عن إصدار تصاريح هذه المحلات التجارية، أنها لم تسمح باستخدام هذه الأوصاف الأجنبية، بل وليتها تبحث عن وتتبنى أوصافاً عربية موحدة بديلة للمفرادات الأجنبية كمول، جاليريا، بلازا، هايبر ماركت، واللفظة قديمة الاستخدام سوبر ماركت. وبعدها إن رغب ملاك المجمعات باستخدام وصف أجنبي فلا بأس أن يكتب باللغة الإنجليزية بحيث يكون ترجمة للوصف العربي ومكتوباً بجانبه كما هو مشاهد لدى بعض المجمعات.

لعل استخدام المسميات والأوصاف الأجنبية هو التغير الأبرز الذي ساءني خلال زيارتي، ولكن في المقابل هناك تغيرات عدة أعجبتني أو لفتت انتباهي، فمما لاحظته فتح فروع لجمعيات البر التابعة لمدينة الرياض وتواجدها في مواقع واضحة على الطرق الرئيسية بدلاً من داخل بعض الأحياء السكنية فقط، وهذا بدوره يسهل على المواطنين والمقيمين التنبه لها وتقديم التبرعات لها حتى تصرف على الفقراء والمحتاجين داخل الرياض. ومما أعجبني أيضا قيام بعض مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات بوضع طاولة عند مداخل بعض الأسواق التجارية تحتوي على كتب دعوية وتعليمية لغير المسلمين أو لمن أسلم حديثا من الجاليات المتعددة التي تقطن الرياض، وأعتقد أن في ذلك وسيلة قوية في الدعوة إلى ديننا العظيم بطريقة ناضجة تسهم بالوصول إلى أعداد كبيرة من المتسوقين الذي يرتادون هذا السوق بشكل دوري. ومما سرني كثيرا إنشاء مراكز الأحياء الاجتماعية، بغرض تنظيم بعض الأنشطة الاجتماعية على مستوى الحي، المشروع حسب ما فهمت في بداياته الأولى لذا أسأل الله للقائمين عليه النجاح والتوفيق. هذا التوسع في مثل هذه المرافق إشارة إلى اهتمام أكبر من القائمين على هذه المناشط بالوصول للناس والذهاب إلى مراكز تجمعاتهم وتواجدهم، وعدم الاكتفاء بالبقاء في نفس الموضع وانتظار أن يأتي الغير إليك. ولا يسعني هنا إلا أن أحيي هذا السلوك الجميل والذي يحرص على نشر الخير للناس بالنزول إلى أماكنهم.

ومما أعجبني كذلك العدد الكبير من الإعلانات والملصقات المعلقة عند أبواب المساجد للدورات العلمية الشرعية المقامة في مختلف الجوامع في العاصمة من دروس في المتون إلى محاضرات في المعاملات المالية إلى دورات مكثفة لحفظة القرآن تشترط اجتياز مقابلة شخصية للتأكد من جدية الحاضرين. فكم هو جميل أن يقام خلال الإجازة الصيفية هذا العدد الكبير من الدورات الشرعية إضافة لأنشطة الأندية الصيفية الهادفة في أرجاء المدينة مما ييسر للمرء الاستفادة من وقته وحفظه بدلا من تضييعه مما لا طائل فيه. وقد صاحب هذا الازدياد في عدد ونوعية الدورات قيام عدد من الجوامع الضخمة الحديثة البناء، والتي ربما يصح أن نطلق عليها مراكز إسلامية كما هي التسمية الأكثر استخداما في الولايات المتحدة وذلك لعدم اقتصار هذه الجوامع على أداء الصلوات الخمس والجمعة فقط وتعديها لإقامة حلقات لتحفيظ القرآن مع الاستعانة بالتقنية الحديثة بغرض متابعة وتسجيل ما يحفظه الطالب وجعله متوفرا لولي أمره عن طريق الإنترنت، وهو ما يعرف بنظام الحلقة الإلكترونية، إضافة لإقامة عدد من الدورات والمحاضرات والأعمال الخيرية، ولعل أبرز هذه الجوامع من حيث الموقع والمساحة والخدمات التي يقدمها هو جامع الراجحي الجديد الواقع على الطريق الدائري الشرقي، حيث أني أستذكر عند دخوله دخول أحد الحرمين الشريفين وذلك لكثرة الناس فيه وكثرة ملحقاته. وربما يكون لتوفيره ماء زمزم بنفس الطريقة التي يوفرها الحرمان الشريفان دور في هذه المقارنة، والتي بالطبع تقف عند حدود المقارنة المعمارية دون الاقتراب من فضيلة المكان أو أجر الصلاة فيه.

ومن الأمور الرائعة التي قامت بها أمانة مدينة الرياض تهيئة عدة أرصفة عريضة لممارسة رياضة المشي معدة بجلسات للراحة في عدد من أحياء الرياض أسوة بالرصيف الذي اشتهر بمضمار أو شارع الحوامل على طريق الملك عبدالله، وفي هذا تشجيع للأفراد والعائلات لممارسة رياضة المشي بدلا من إضاعة الأوقات الطويلة في المقاهي أو عبر مكالمات الجوال، إذ قد حدثت طفرة هائلة في أعداد محلات هذين الأخيرين وبشكل ملفت لا يمكن للمرء ألا يلاحظه. فالمقاهي تراها أينما ذهبت حتى ضمن ملحقات محطات الوقود في بعض الأحيان، وهي مهيئة بأثاث فاخر وتقدم شتى الأصناف من المشروبات الساخنة والباردة والحلويات، بل وفي الكثير منها شبكة اتصال محلية لاسلكية لتصفح الإنترنت مما يغري بالمكوث فيها لفترات أطول وأطول. كما أن محلات أجهزة الهاتف الجوال بلغت عددا مهولا، حتى أنك قد تجد في شارع تجاري عادي أكثر من عشرة محلات متلاصقة، وكأن الناس لا شغل لهم إلا شرائها وبيعها واستبدالها، مما يجعلني أتساءل كم مقدار ربح شركة نوكيا على سبيل المثال من السوق السعودي، ولماذا لا تقوم بفتح مصنع لها هنا، فالناس يتسابقون على شراء الجديد من هذه الأجهزة بشكل غير معقول.

ومن ضمن التغيرات ما طرأ على وسائل الدعاية والإعلان، فقد باتت النشرات الإعلانية تصل إلى البيوت بشكل أكبر ويتم وضعها من تحت أبواب المنازل، بعضها من إصدار محلات تجارية بذاتها، والأخرى وهو ما لم أعهده من قبل، مجموعة إعلانات مبوبة على شكل نشرة من إصدار جهة خاصة توزع بشكل دوري تذكرني بالكوبونات التي ترسل ضمن مجلة خاصة على صناديق البريد في الولايات المتحدة، وأعتقد أنه في المستقبل القريب ستصل مثل هذه النشرات الدعائية إلى صناديق البريد المثبتة حديثا على أسوار بيوت الرياض، والتي لم يكن منظرها معروفا قبل أشهر قليلة. كما أن المتجول في شوارع العاصمة يكاد يشاهد بشكل يومي ملصقات لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم علقت أثناء حملة مقاطعة المنتجات الدانماركية مثل إلا نبينا، إلا حبيبنا، إلا محمد، فداك يا رسول الله. يشاهدها المرء على الزجاج الخلفي للسيارات وعند مداخل المحلات التجارية بل وداخل مباني كبريات الشركات. إضافة إلى بقايا ملصقات هذه الحملة فإن هناك لوحات لحملتين أخريين، الحملة الأولى حملة توعوية تحت شعار “يكفي” بهدف تقليل المخالفات والحوادث المرورية وتحسين مستوى القيادة في الرياض والذي والحق يقال أنه بلغ حدا كبيرا من الاستهتار في مخالفة الأنظمة مما نتج عن عدد مروع من الوفيات. أما الحملة الأخرى فهي بهدف تشجيع ومساعدة المدخنين والمدخنات على الإقلاع عن هذه العادة الذميمة، حيث تم تخصيص أرقام هواتف للرجال والنساء الراغبين بالإقلاع عن التدخين بغرض مساعدتهم وإعانتهم. ومن المعلوم ما لمثل هذه الحملات ذات الأهداف النبيلة من أثر في الوصول إلى عدد أكبر من الناس بغرض إقناعهم بأسلوب مباشر ومؤثر.

هذا ما تيسر لي مشاهدته من متغيرات تمت في عامين فقط. ترى كم سيكون مقدار التغير بعد عامين آخرين من الآن؟