عندما يضيق بك بلدك ويتسع لك غيره من البلدان!

نشر أصل هذه اليومية كمقال بعنوان نظام الإقامة يصعّب على الأساتذة العرب العمل في السعودية في صحيفة الوطن السعودية – العدد 2905 – تاريخ 1429/9/12 هـ الموافق لـ 2008/9/12 م

أتحدث عن أستاذ جامعي استضافته الشركة من إحدى الجامعات الأمريكية لإلقاء محاضرة عن أبحاثه في مجال أمن الشبكات، والتي تفاعل معها الباحثون والباحثات في الشركة قبل بدايتها بالحضور، وأثناءها بمتابعتها، وبعدها من خلال الأسئلة التي انهالت عليه.

ما لفت نظري في الأستاذ الجامعي ليس منصبه الوظيفي، أو حبه لما يقوم به، أو المواضيع العلمية التي تطرق لها، وإن كانت هذه كلها مما يلفت النظر، ولكن ما لفت نظر شخص مثلي أن الأستاذ الجامعي ولد ونشأ وترعرع في مدينتي.. الرياض، بل إن والديه ما زالا يقيمان هناك. كما أنه أنهى دراسته الجامعية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بمدينة الظهران في مجال هندسة الحاسب، وعمل بضع سنوات في إحدى الشركات الخاصة في الرياض.

فما الذي إذاً جعل هذا الأستاذ سعودي الولادة والنشأة والثقافة واللهجة والانتماء، بل وسعودي الاسم والهيئة يقضي سنواته العشر الأخيرة في أمريكا بعد إنهائه لدراسة درجتي الماجستير والدكتوراة في مجال علوم الحاسب؟

الجواب ببساطة أنه ليس سعودي الجنسية!

فالأخ ممن هاجر والداه وباقي أفراد عائلته من قطاع غزة إلى الرياض وذلك في الستينيات الميلادية. ولكن لم يتيسر لوالديه أو أي أحد إخوته الحصول إلى الآن على الجنسية رغم هذه السنوات الطويلة.

تعرفت على صاحبنا أكثر من خلال دعوته لتناول طعام العشاء معي ذلك اليوم، ولبى دعوتي وخرجنا سوية لمطعم بحري مشهور في بوسطن واسمه ليجيل Legal، وبوسطن بالمناسبة مشهورة بالمأكولات البحرية.

الدكتور أكمل العقد الرابع من عمره حديثا ويعمل كأستاذ مشارك في قسم علوم الحاسب في جامعته، وتبين لي أنه يزور السعودية بصفة شبه سنوية، وغالب هذه الزيارات تكون لإلقاء دورات وورش عمل في جامعته التي تخرج منها (جامعة الملك فهد للبترول والمعادن) والتي يحضرها أحيانا أحد الدكاترة الذين درسوه في الجامعة عندما كان طالبا. كما أن من أسباب زيارته المتكررة للسعودية بطبيعة الحال هو زيارة والديه وأقاربه في الرياض.

تحدثت مع صاحبنا حول موضوعات متعددة، من ضمنها مجال بحثي في الشركة، والذي أبدى سعادته أن شخصا من منطقتنا العربية يبحث في مجال الحماية من شبكات الروبوت [1]. كما تحدثنا عن أبحاثه وبعض من طلبته، ثم عرجنا على المؤتمرات العلمية في مجال شبكات الحاسب وأمن المعلومات وذكر لي بعض المؤتمرات والتي نصحني بالحرص على النشر فيها، كما تبين لي أيضا أنه سيرأس إدارة أحد المؤتمرات العلمية في مجاله والذي سيقام السنة القادمة.

تحدثنا أيضا عن الحراك الذي تشهده جامعة الملك سعود في عهد مديرها الحالي الأستاذ الدكتور عبدالله العثمان، وعن نشأة وتأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، واللتان لعلاقتي بهما أبديت اهتماما أكبر بما قاله. فقد تحدث عن وجهة نظره بخصوص سبل تفعيل البحث العلمي في جامعة الملك سعود، وكيف أنه من الصعب على الأساتذة الذين يعملون خارج السعودية ترك وظائفهم وحياتهم العلمية والعملية في أمريكا والعمل في جامعة الملك سعود، وذكر أن أحد الخيارات الأسهل وربما الأفضل في الفترة الحالية هو زيارة الأساتذة في الخارج لفصل أو سنة للجامعة وبدء البحث هناك ثم يستمر البحث من خلال التعاون والزيارات المتبادلة. وبخصوص جامعة الملك عبدالله للعلوم التقنية فقد أبدى حماسته لفكرة الجامعة وأشار أن أحد زملائه شاهد لها إعلانا في أحد المؤتمرات العلمية، وأضاف أن هذا يعكس حرص المسؤولين في الجامعة لاستقطاب الطلبة والأساتذة المتميزين.

فسألته لماذا لا يترك هو وظيفته في جامعته الحالية ويأتي للعمل في جامعة الملك سعود، خاصة وأنها تشهد حراكا لم تشهده من قبل وأن والديه مقيمان في الرياض. فقال أن الأمر غير متعلق بكون الراتب الذي سيأخذه أقل، فهو شخصيا مستعد للتنازل عن ذلك في مقابل خدمة وإفادة البلد، وليس الأمر متعلق بضعف البحث العلمي في الجامعة، وفهمت من حديثه أنه يعني أنه طالما أن الجامعة لديها الرغبة الصادقة في ذلك مع توفير الوسائل والإمكانيات اللازمة فإن لديه الاستعداد للمساهمة في رفع مستوى البحث العلمي.

ثم ذكر السبب في تردده في العمل في الجامعة. سبب تردده ليس لإدارة الجامعة حيلة فيه ..

السبب يرجع لنظام الإقامة والعمل لغير السعودي في السعودية، والذي يجعل الموظف حتى وإن كان أستاذا جامعيا مرتبطا بعقد سنوي وغير قادر حتى على تملك منزله [3]، ومقيد من ممارسة العمل التجاري.

ذكر لي وهو متأثر: هل يعقل أن أترك وظيفتي كأستاذ مشارك والتي لا أحد يستطيع أن يفصلني منها، وحياة كريمة هنا مع الجنسية (التي منحته إياها أمريكا ولم تمنحه إياها السعودية)، ثم أذهب إلى هناك؟ وما يزيد من تأثره في الموضوع هو أنه يعتبر السعودية بلده، وحتى من يقابله من الإخوة العرب لا يصدق في البداية أنه فلسطيني.

لم أناقشه في الموضوع ولم أملك حقيقة إلا تفهم وقبول رأيه.

ثم بين لي أن الجنسية ليست مطلبا في ذاتها، ولكنها هي الوسيلة الوحيدة للحصول على هذه الامتيازات، ووافقني أنه لو كان هناك في النظام السعودي ما يشبه بطاقة الإقامة الدائمة في أمريكا (أو ما يعرف بالجرين كارد) لحل الإشكال لديه، فهو يفهم الأبعاد السياسية لمنح الجنسيات، وأهم ما يريده هو وأمثاله أن يشعروا أن إقامتهم في السعودية دائمة كما لو أنها بلدهم، وأن تتوفر لهم كافة السبل العيش الكريم. وتذكروا أنه متردد بالعمل بالرغم من أنه ولد ونشأ وتربى ودرس في السعودية، فكيف بمن لم يكن كذلك، كيف يمكن لجامعاتنا استقطابه؟

ثم استمر في حديثه ومصارحته لي وكيف أن عمه والذي توفي قبل أشهر بسيطة رحمة الله عليه أسس وبنى مخبزا في حي الملز وذكر لي اسمه، وهذا المخبز معروف ومشهور في المنطقة خاصة في موسم شهر رمضان الفضيل، ورغم ذلك لم يحصل عمه على الجنسية، بل زاد فوق ذلك أنه سيزور السعودية الشهر القادم لأداء العمرة، وإشكاليته أنه يود زيارة والديه في الرياض ولكن تأشيرة العمرة لا تسمح له بزيارة الرياض، ورغم أنه رآهما قريبا إلا إن خاطره لا يطيب له أن يزور السعودية دون رؤيتهما، وذكر لي أن قد ينجح في استغفال موظف المطار إذا لبس الثوب والشماغ ليوهمه أن سعودي، أو يحاول سؤال مسؤول يستطيع مساعدته في تجاوز هذا الموضوع.

ولكنه رغم كل ما ذكر، فقد أبدى استعدادا للمجيء والعمل في الرياض، وهذا يشير لطيبة معدنه، ولكنه لا يريد ترك عمله الحالي وإلا هو متيقن من أن ظروف العمل في الجامعة التي سيعمل فيها ستوفر له الوقت والموارد التي يحتاجها لأداء أبحاثه بالشكل الذي يرضيه.

كان حديثي مع الدكتور ذا شجون، ولكننا اضطررنا للتوقف إذ كان يريد مراجعة ما أعده لمحاضرة أخرى سيلقيها في جامعة بوسطن غدا. وأوصلته بعدها للفندق وعدت إلى شقتي وأنا أفكر فيما سمعت ..

تعقيب: في اليوم التالي لنشر المقال في صحيفة الوطن اتصل بي معالي مدير جامعة الملك سعود أ.د. عبدالله العثمان من الرياض، وكنت وقتها ما زلت أدرس في بتسبرغ. تحدث معي الدكتور عبدالله في مكالمة مطولة عن اهتمامه باستقطاب العلماء المتميزين لجامعة الملك سعود وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة وتلبية متطلباتهم البحثية، كما طلب مني معلومات الدكتور الذي تحدثت عنه في المقال حتى يتواصل مكتبه معه، وفعلا تم التواصل وزار الدكتور الرياض عدة مرات وانخرط في عدد المشاريع البحثية والأعمال المشتركة.

[1] سبق الحديث عن شبكات الروبوت في يوميتي شبكات الروبوت.

[2] أصبح بمقدور غير السعودي تملك عقار في السعودية بعد صدور نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره عام 1421 هـ.

اليومية القادمة: مشرفي وعلاقته بكامبريدج والقهوة العربية

في ذكرى وفاة أ.د. خليل محمود أبو عبده

نشرت هذه التدوينة كمقال في رسالة الجامعة – العدد 1029 – تاريخ 1431/8/12 هـ الموافق 2010/7/24 م

قبل عامين وفي نفس هذا الفترة من العام (وكنت وقتها ما زلت أدرس في الولايات المتحدة) جاءتي رسالة على جوالي من صديقي وزميلي أيام الكلية الأخ فواز القديمي تنعى وفاة الأستاذ الدكتور خليل محمود أبو عبده. أذكر تماما في أي جزء من بيتي كنت وقت قراءة الرسالة، فقد حزنت كثيرا على وفاة هذا الأستاذ الفاضل والذي كانت وفاته خسارة كبيرة لقسم الهندسة الميكانيكية بجامعة الملك سعود.

معرفتي بالدكتور خليل كانت من خلال تدريسه لي ولزملائي في قسم الهندسة الكهربائية مقرر الديناميكية الحرارية Thermodynamics. وحينها كان طلبة الأقسام المختلفة في كلية الهندسة يدرسون مقررات من بعض أقسام الهندسة الأخرى، وذلك قبل أن تقلل ساعات الخطة الدراسية وتحذف هذه المقررات من الخطة.

لا أرى أن علاقتي بالدكتور خليل تؤهلني لإعطائه حقه في الحديث عنه، وأترك هذا الأمر لمن درس عنده أو عمل معه من أساتذة قسم الهندسة الميكانيكية، فهم الذين عرفوه عن قرب. ولكني أرى أن حديثي عنه هو جزء من وفاء طالب مع أستاذه.

وسأتحدث عن جانبين عُرف بهما هذا العالم رحمه الله وهما الخلق الراقي، والدقة والمثابرة والتميز في تقديم العلم والمعرفة. فمما نقل لي عنه أنه كان رحمه الله يصرف الوقت ويبذل جهدا مضاعفا في إعداد محاضرته وامتحاناته، وكان لا يعطي امتحانا قبل أن يقوم هو بحله حلا كاملا على الورق دون الاكتفاء بمجرد التفكير بطريقة حله في الذهن. وحيث أنني وزملائي عندما كنا طلبة درسنا المقرر بعدما قطعنا شوطا في دراسة مقررات تخصص الهندسة الكهربائية، فإن كثيرا من الطلبة كانوا لا يألفون مقررات خارج تخصصهم، ولكن الدكتور خليل والذي قارب الستين عاما وقتها عرف بخبرته كيف يتصرف مع هذا الموضوع، فعندما دخل علينا في أول محاضرة كان مما ذكره أن البعض قد يرى أن المادة غربية، وما غريب إلا الشيطان! فقد كان يستشهد كثيراً في محاضراته بالأمثال وبالحكم التي تضفي على محاضرته تميزاً نوعياً يتكامل مع قوة المادة العلمية التي كان يلقيها على طلبته.

كان يمازحنا بقوله أن أصل كلمة Quiz عربي وترجع لكويس بمعنى أن Quiz كويس لنا. حتى أن في إحدى المرات امتلأ مدخل مكتبه بعدد من الطلبة في المقرر يريدون أن يسألوه بعض الأسئلة حول محتوى أحد الكويزات الكويسة، وقال لنا وهو يمازحنا عاتبا، ما هذا يا طلبة قسم الهندسة الكهربائية؟! ما رأيكم أن نكتب بجريدة الرياض طلبة الهندسة الكهربائية يتجمهرون عند مكتب أستاذ في قسم الهندسة الميكانيكية؟

كان يحرص على إيصال مفاهيم الديناميكية الحرارية من خلال ربطها بصور ذهنية أو تشبيهها بمفاهيم أخرى يعرفها الطلبة، ومن ذاك:

  • تحدث مرة عن تفاعل معين في المادة وقال أنه مهما زدنا في عوامل هذا التفاعل فلن يتأثر، ثم شبه نفسه بذلك وأنه مهما أكل فإن وزنه لا يزيد، فقد كان نحيلا رحمه الله.
  • كان يشرح لنا أن أحد أساليب إثبات النظريات في الديناميكية الحرارية وهي أن تضع افتراضا وتفترض صحته وتمشي على هذا الافتراض، فإذا اصطدمت بالحائط فهذا يعني أنه خاطئ، فإن لم تصطدم فهو صحيح إلى أن تصطدم بحائط آخر.
  • سألنا مرة كم كثافة الماء؟ فأجبته 1 كجم للمتر المكعب، وكنت وقتها أخلط في هذا الموضوع بين ا جمسم3 أو 1000 كغمم3، فأوقف الشرح … وتغيرت نبرته وبدأ أكثر جدية، وسألنا كم ارتفاع المكتب الذي أمامنا، فقلنا لا نعرف؟ فقال كم تقريبا … فقلنا متر، وقال كم عرضه فقلنا متر، ثم سألنا كم طول نصفه فقلنا متر، ثم علّق وقال تخليوا أننا ملأنا هذه المساحة بالماء، فهل يمكن أن يكون وزنها كيلو جرام واحد فقط؟! فمن بعدها لم أعد أخلط في موضوع كثافة الماء، رغم أن لم أحتج لهذه المعلومة أبدا بعد إنهاء المقرر.
  • تحدث مرة عن انتقال تيار الحرارة من خلال المواد المختلفة، وقارن لنا بين هذا وبين انقال التيار الكهربائي من خلال مواد مختلفة، وشرح لنا مفهوم المقاومة الحرارية وأنها شبيه لمفهوم المقاومة الكهربائية، ثم ختم شرحه إن كان عندكم مقاومة في الكهرباء فنحن عندنا مقاومة في الحرارة أيضا!

درّس الدكتور خليل في الجامعة لأكثر من ربع قرن تخرج على يديه خلالها أجيال تلو أجيال ومات وهو قائم على مهامه في العلم والتعليم، وصلي عليه ودفن يوم الخميس الثالث عشر من شهر شعبان لعام 1429 هـ وكان له من العمر ست وستون عاماً.

رحمك الله يا أستاذي وأسكنك فسيح جناته وجمعنا معك في الفردوس الأعلى … آمين

رابط المقال في رسالة الجامعة: http://rs.ksu.edu.sa/14942.html

وبدأ الفصل الصيفي!

بدأ هذا الأسبوع الفصل الصيفي في جامعة الملك سعود. وقدلاحظت حضور عدد لافت من الطلبة من جامعات أخرى (جامعتي المجمعة والخرج بالدرجة الأولى).

كيف أحسست بهم وأنا لا أدرس هذا الفصل؟ الجواب من كثرة مرورهم على مكتبي وطرح الأسئلة التالية:

  • معنا هذا الفصل؟ يقصد الطالب هل ستدرس بالصيف؟
  • وين الجداول؟
  • وين مكتب د. سعيد الدوسري؟ (المسؤول عن التسجيل للطلبة الغير متخصصين)
  • وين مكتب م. صالح السنيدي؟ (المسؤول عن التسجيل لطلبة قسم الهندسة الكهربائية)

ومكتب الزميلين في نفس الممر الذي فيه مكتبي

  • وين مكتب رئيس قسم الهندسة الكهربائية؟
  • وين قسم الهندسة الميكانيكية؟

مكتبي على الحدود بين القسمين

  • من يدرّس مادة الاقتصاد الهندسي؟
  • طالب جاء بجدوله يسأل كيف يفهم صياغة كتابة أرقام القاعات؟
  • طالب صادني في الدور الثاني يسأل عن قاعة 1 جـ 3، الواحد تعني الدور الأول!

أما طلابنا فخيارتهم كثيرة فعدد المواد المطروحة كبير سواء في مستوى 200 أو 300 أو 400، ولا أظن أن هذا العدد من المقررات طرح من قبل. بل من كثرتها قاموا ينتقون ما يريدون، ويتنقلون من مقرر إلى آخر!

أما الذي تخرجوا من طلابي السابقين فأجزم أنكم تبتسمون ضاحكين أنكم لستم طرفا في هذه المعمعة 🙂 أو ربما تقولون ليت كان لدينا هذه الخيارات عندما كنا طلبة الصيف الماضي؟

فصل أول تدريس

سلمت هذا الأسبوع الدرجات النهائية لطلاب شعبة مقرر 462 كهر: شبكات الاتصالات، وبهذا أكون أنهيت تجربتي كأستاذ مساعد لأول فصل دراسي أدرسه في قسم الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود.

كانت تجربة التدريس لأول مرة منهكة وممتعة في نفس الوقت، منهكة بحكم أني أول مرة أدرس المقرر فبالتالي احتجت لساعات طويلة على مدار الفصل لإعداد المحاضرات وأسئلة الواجبات والامتحانات ووصف المشاريع، هذا طبعا غير تصحيحها كلها لـ 38 طالبا لوحدي إذ ليس معي معيد للمقرر. ولكنها كانت ممتعة من حيث تثبيت وتقوية معلوماتي في مواضيع شبكات الحاسب والاتصالات، وما زادها متعة هو تدريسي لمجموعة متميزة جدا من الطلاب … دعوني أصحح ما كتبت … مجموعة متميزة جدا من المهندسين، وذلك لأن أغلب طلاب شعبتي كانوا يدرسون فصلهم الأخير في الجامعة، إذ أنهوا دراستهم الجامعية الآن وتخرجوا من الجامعة للانخراط في سوق العمل.

قد سعدت كثيرا بطلبتي السابقين والذين ذكروني بنفسي وبزملائي عندما كنا طلابا في نفس القسم قبل سنوات مضت. رأيت تميز الطلبة من حيث ارتفاع مستواهم الدراسي، وتخرج مجموعة منهم بمراتب شرف أولى وثانية، وتمكن عدد طيب منهم من الإجابة على أسئلة الامتحانات التي تتحدى قدراتهم، وارتفاع مهارات غالبيتهم في إلقاء وشرح مشروع المقرر مع قيام بعضهم بعروض عملية (Demos) عن مواضيع في الشبكات مثل الجدران النارية (Firewalls)، واختراق الشبكات اللاسلكية، وتحليل محادثات برنامج Skype.

ومن تميز هذه الدفعة فوز أحدهم وهو المهندس طارق الشاوي في مسابقة شركة الإلكترونيات المتقدمة لأفضل مشروع تخرج، والتي تقام سنويا على مستوى قسم الهندسة الكهربائية وباقي أقسام كلية علوم الحاسب والمعلومات، تهانيّ الصادقة لك يا طارق. أما أكثر ما لفت نظري في تميز هذه الدفعة فهو مقدار التفاهم والتناغم والتعاون بينهم وذلك تحت تنسيق محورهم المهندس أحمد السحيلي الذي كان سباقا في مساعدة زملائه ونقل آرائهم لي ومشورته لي في عدد من الأمور المتعلقة بعموم الطلبة من مثل إعادة جدولة الامتحانات الفصلية الأولى والثانية وحتى النهائية إلى تحرير وتوزيع حلول أسئلة مراجعة الامتحانات بينهم.

كانت تجربة لن أنساها … وأختم تدوينتي بشكر طلبتي على ملاحظاتهم واقتراحاتهم وكلماتهم التي سطروها لي، والتي استفدت منها كثيرا وسيستفيد منها زملائهم من بعدهم … سائلا الله لهم التوفيق في حياتهم العملية.