تحدثت في اليومية السابقة عن ما هي شبكات الروبوت وفي ماذا تستخدم، وفي هذا الموضوع سأتحدث عن بعض من أضرارها على الغير. فأبرزها ابتداء محاولة السيطرة على أجهزة أخرى لتجنيدها وضمها لنفس الشبكة ويكون ذلك عن طريق إرسال رسائل قصيرة لمعرفة إذا كان هناك ثغرة يمكن استغلالها للسيطرة على الجهاز وهو ما يعرف بـ (Scanning) ومن ثم تحميل حصان طروادة. وسيلة أخرى هي استخدام الروبوتات لإرسال الرسائل المزعجة (Spam) للآخرين. وتشير تقارير شركة سيمانتك الربع السنوية والتي تحلل وتناقش التهديدات الأمنية في الإنترنت إلى أن 85-90% من رسائل السبام مصدرها شبكات الروبوت.
من ضمن الأضرار أيضا التي يمكن أن تقوم بها شبكات الروبوتات هو إرسال رسائل لتخمين كلمات السر بالحسابات البنكية وسرقة ما فيها من أموال، وكذلك يمكن استخدام هذه الرسائل لتخمين كلمات السر الخاصة بالقطاعات الحكومية الحساسة ونقل معلوماتها إلى جهات أخرى معادية.
نوع آخر من الأضرار أو الهجمات التي تقوم بها شبكات الروبوت يعرف بـ DoS وهو اختصار لـ (Denial of Service) ويكون عن طريق إرسال رسائل قصيرة فارغة ولكن بكثافة عالية للجهاز الضحية وعادة ما يكون هذا الجهاز تابع لموقع على الإنترنت، الهدف من إرسال هذا الكم الهائل من الرسائل هو استهلاك ذاكرة الجهاز (Memory) أو استهلاك سعة الوصلة التي توصله بالإنترنت (Link Capacity) فبالتالي لا يستطيع تحمل مزيدا من الرسائل وينقطع عن الإنترنت. هذا النوع الأخير من الهجوم قد يتسبب بخسائر مادية للمواقع التجارية تحديدا، وذلك لعدم تمكن زبائنها من الشراء منها خلال فترة تعطلها.
هجمات DoS تكون أحيانا مدفوعة بدوافع سياسية، مثال لذلك هو ما حصل عام 2007 م لدولة أستونيا (إحدى الدول التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي)، وذلك عندما تعطلت مواقع الوزارات الحكومية، والأحزاب السياسية، والصحف، والبنوك، والشركات بسبب هذا النوع من الهجوم والذي استمر لمدة ثلاثة أسابيع!
فما الذي فعلته أستونيا حتى تصاب بهذا النوع من الهجوم الذي لم يحصل له مثيل من قبل؟ ومن نفذه؟ وما الدافع؟
ترجح التحليلات أن السبب في ذلك يرجع إلى أن أستونيا قامت بإزالة تذكار جندي يرمز للحرب السوفياتية ضد الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية، مما سبب غضب عارم لدى الروس فقام أحدهم بتصميم برنامج وطلب من الشعب عن طريق منتديات الإنترنت تحميله على أجهزتهم بحيث قامت هذه الأجهزة مجتمعة بشن الحرب على المواقع الأستونية وتعطيلها وقطع اتصالاتها بالإنترنت! [1]
هذه القدرة التخريبية الهائلة لشبكات الروبوت زادت من اهتمام الباحثين في مجال شبكات الحاسب وأمن المعلومات، ومن قبلهم الجهات الحكومية الأمريكية المعنية، ودعتهم للتصدي لهذا الخطر الجديد عن طريق تصميم برامج وخوارزميات لاكتشاف هذه الشبكات، ومن ضمن هؤلاء الباحثين الفريق الذي أعمل معه في الشركة، وقد تحدثت عن أحد أعضائه (مدج) في الموضوع السابق وسأتحدث عن عضو آخر في الفريق ولكن من زاوية أخرى في اليومية القادمة …
[1] لمعرفة المزيد عن هجوم شبكات الروبوت على دولة أستونيا يمكن مشاهدة هذا التقرير على هذا الرابط http://www.pbs.org/kcet/wiredscience/video/83-world_war_2_0.html
اليومية القادمة: أستراليا، ماليزيا، الصين، لبنان، إرمينيا، أمريكا