شبكات الروبوت 22

 

تحدثت في اليومية السابقة عن ما هي شبكات الروبوت وفي ماذا تستخدم، وفي هذا الموضوع سأتحدث عن بعض من أضرارها على الغير. فأبرزها ابتداء محاولة السيطرة على أجهزة أخرى لتجنيدها وضمها لنفس الشبكة ويكون ذلك عن طريق إرسال رسائل قصيرة لمعرفة إذا كان هناك ثغرة يمكن استغلالها للسيطرة على الجهاز وهو ما يعرف بـ (Scanning) ومن ثم تحميل حصان طروادة. وسيلة أخرى هي استخدام الروبوتات لإرسال الرسائل المزعجة (Spam) للآخرين. وتشير تقارير شركة سيمانتك الربع السنوية والتي تحلل وتناقش التهديدات الأمنية في الإنترنت إلى أن 85-90% من رسائل السبام مصدرها شبكات الروبوت.

من ضمن الأضرار أيضا التي يمكن أن تقوم بها شبكات الروبوتات هو إرسال رسائل لتخمين كلمات السر بالحسابات البنكية وسرقة ما فيها من أموال، وكذلك يمكن استخدام هذه الرسائل لتخمين كلمات السر الخاصة بالقطاعات الحكومية الحساسة ونقل معلوماتها إلى جهات أخرى معادية.

نوع آخر من الأضرار أو الهجمات التي تقوم بها شبكات الروبوت يعرف بـ DoS وهو اختصار لـ (Denial of Service) ويكون عن طريق إرسال رسائل قصيرة فارغة ولكن بكثافة عالية للجهاز الضحية وعادة ما يكون هذا الجهاز تابع لموقع على الإنترنت، الهدف من إرسال هذا الكم الهائل من الرسائل هو استهلاك ذاكرة الجهاز (Memory) أو استهلاك سعة الوصلة التي توصله بالإنترنت (Link Capacity) فبالتالي لا يستطيع تحمل مزيدا من الرسائل وينقطع عن الإنترنت. هذا النوع الأخير من الهجوم قد يتسبب بخسائر مادية للمواقع التجارية تحديدا، وذلك لعدم تمكن زبائنها من الشراء منها خلال فترة تعطلها.

هجمات DoS تكون أحيانا مدفوعة بدوافع سياسية، مثال لذلك هو ما حصل عام 2007 م لدولة أستونيا (إحدى الدول التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي)، وذلك عندما تعطلت مواقع الوزارات الحكومية، والأحزاب السياسية، والصحف، والبنوك، والشركات بسبب هذا النوع من الهجوم والذي استمر لمدة ثلاثة أسابيع!

فما الذي فعلته أستونيا حتى تصاب بهذا النوع من الهجوم الذي لم يحصل له مثيل من قبل؟ ومن نفذه؟ وما الدافع؟

ترجح التحليلات أن السبب في ذلك يرجع إلى أن أستونيا قامت بإزالة تذكار جندي يرمز للحرب السوفياتية ضد الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية، مما سبب غضب عارم لدى الروس فقام أحدهم بتصميم برنامج وطلب من الشعب عن طريق منتديات الإنترنت تحميله على أجهزتهم بحيث قامت هذه الأجهزة مجتمعة بشن الحرب على المواقع الأستونية وتعطيلها وقطع اتصالاتها بالإنترنت! [1]

هذه القدرة التخريبية الهائلة لشبكات الروبوت زادت من اهتمام الباحثين في مجال شبكات الحاسب وأمن المعلومات، ومن قبلهم الجهات الحكومية الأمريكية المعنية، ودعتهم للتصدي لهذا الخطر الجديد عن طريق تصميم برامج وخوارزميات لاكتشاف هذه الشبكات، ومن ضمن هؤلاء الباحثين الفريق الذي أعمل معه في الشركة، وقد تحدثت عن أحد أعضائه (مدج) في الموضوع السابق وسأتحدث عن عضو آخر في الفريق ولكن من زاوية أخرى في اليومية القادمة …

[1] لمعرفة المزيد عن هجوم شبكات الروبوت على دولة أستونيا يمكن مشاهدة هذا التقرير على هذا الرابط http://www.pbs.org/kcet/wiredscience/video/83-world_war_2_0.html

اليومية القادمة: أستراليا، ماليزيا، الصين، لبنان، إرمينيا، أمريكا

شبكات الروبوت 12


حان الوقت للتحدث عن المشكلة التي شاركت في البحث عن حل لها أثناء فترة عملي في الشركة، وسأتحدث فقط عن المشكلة دون الخوض في تفاصيل حلول المشكلة وذلك حرصا على عدم ملل القارئ الغير المتخصص. المشكلة تعرف بـ Botnets، و Bot تعني روبوت، فيصبح المعنى شبكات الروبوت. فما المقصود بالروبوت أو البوت هنا؟

البوت هو عبارة عن جهاز كمبيوتر تم اختراقه عبر شبكة الإنترنت بحيث أصبح تحت سيطرة سيد البوت (BotMaster). اختراق أجهزة الغير ليس بالأمر الجديد ومعروف منذ سنوات عديدة، ويكون عبر تحميل صاحب الجهاز (من غير أن يعلم أنه يقوم بذلك) لبرنامج يسمح للمخترق باستخدام جهازه كما يشاء. مثل هذه البرامج تعرف ببرامج الباب الخلفي (Back Door) أو حصان طروادة [1] (Trojan Horse)، وذلك كناية عن الدخول للجهاز بطريقة مخفية.

كانت المخترقون القدامى (في السعودية على سبيل المثال) يستخدمون مثل هذه البرامج للاطلاع على ما في جهاز شخص آخر من معلومات وملفات شخصية، وكثيرا ما كان الدافع لذلك المتعة والتحدي، ولكن رغم ذلك كنا نسمع عن حالات ليست بالقليلة حصل فيها تعديل أو مسح للملفات الشخصية أو تركيب فيروس على الجهاز، أو حتى استخدام المعلومات ذات الطبيعة الحساسة مثل الصور الشخصية لابتزاز أصحابها. وعندما كثر استعمال الإنترنت في التطبقيات البنكية والشرائية زادت حساسية المعلومات التي يمكن أن يطلع عليها مثل أرقام بطاقات الائتمان أو كلمات المرور للدخول على الحسابات البنكية. ولكن القاسم المشترك بين كل هذه العلميات هو الإضرار بصاحب الجهاز وحده.

بينما في شبكات الروبوت فالضرر أكبر وأوسع!

فالأمر ليس حول الملفات الموجودة في الجهاز المسيطر عليه، لأن هذا الجهاز يستخدم كروبوت لتلقي الأوامر من سيده لتنفيذ عمليات تضر بآخرين غير صاحب الجهاز. وما يزيد من الأمر تعقيدا أن غالب أصحاب الأجهزة المخترقة لا يعلمون بأن جهازهم مخترق وجزء من شبكة روبوتات. وما يجعل الأمر أكثر خطورة هو أن الموضوع غير متعلق بوجود روبوت واحد أو إثنين أو عشرة أو حتى مائة، ولكن وجود شبكات تحتوي على آلاف -بل ربما ملايين حسب تقديرات البعض- من الربوتات تنتظر الأوامر من أسيادها للهجوم والإضرار بأجهزة الآخرين.

ويجدر الإشارة إلى أن الظريف في أمر هذه الربوتات أنها تباع وتشترى عن طريق السوق السوداء وبأبخس الأثمان حتى وصلت لأقل من 5 سنتات أمريكية [2]. حتى أن أحد الزملاء الأمريكيين أثناء دراسة الدكتوارة قام بإجراء بحث لمعرفة مدى انتشار شبكات الروبوت، وكانت وسيلته في ذلك هي مشاهدة إعلانات بيع الروبوتات في السوق السوداء، والتي تكون من قبيل “سارع … تخفيضات …. 100 روبوت بخمسة دولارات! … “. ولست مازحا هنا! فقد يكون جهازك وهو جالس على مكتبك يباع ويشترى ويتربح من ورائه أسياده المتعاقبون على سيادته!

وسيكون حديثنا في الموضوع القادم عن ذكر أمثلة لبعض هجمات شبكات الروبوت كفانا الله وإياكم شرها …

[1] لحصان طروادة قصة معروفة وهي عندما حاصر الإغريق مدينة طروادة، استمر الحصار لسنوات، فصنعوا حصانا خشبيا كبيرا وملؤوه بالجنود، ثم تظاهر الجيش بالانسحاب، وقبل أهل طروادة الحصان على أنه عرض للسلام، وعندما أدخل الحصان الخشبي للحصن خرج الجنود للهجوم على الحصن وسيطروا عليه. وسميت برامج السيطرة على الأجهزة بهذا الاسم كونها تقوم بالدور الذي لعبه حصان طروادة.

[2] ما يباع تحديدا هي المعلومات حول موقع الروبوت وكلمة السر للتحكم به.

اليومية القادمة: شبكات الروبوت 22