أستراليا، ماليزيا، الصين، لبنان، إرمينيا، أمريكا

 

ما الذي يجمع بين هؤلاء؟

الجواب هو مديري في العمل وأسرته …

فأبوه أسترالي الأصل والولادة والنشأة، وأمه ماليزية هاجرت إلى أستراليا قبل أكثر من أربعين سنة، ولكنها ليست من عرق الملايو، وإنما من العرق الصيني [1]، فبالتالي فإن مديري ولد ونشأ ودرس في أستراليا. أما زوجته إرمينية ولكنها ولدت وعاشت طفولتها في لبنان قبل أن يهاجر والديها بها إلى أستراليا. وأميركا هي مقر إقامته وحيث ولد أبناءه.

فلكم أن تتصوروا مدى التنوع الذي سيظهر في أبنائه من الناحية الجينية، وكذلك من ناحية تنوع الفرص المتاحة لهم لاكتساب أفضل خصائص البلدان التي يرجعون إليها!

مديري السابق واسمه ديفيد وكان وقتها في أواخر الثلاثينيات من عمره رجل نشيط جدا في عمله، وفوق ذلك فهو أب لولدين أعمارهما بأعمار  أطفالي وقتها (ماجد أربع سنوات ولين سنتين). وهو رجل عائلي، حتى أنه في إحدى الاجتماعات تحدث الحضور عن ما قام به كل واحد منهم خلال إجازة نهاية الأسبوع، فعندما جاء دوره ذكر أنه أخذ ابنه الكبير لحديقة الحيوانات، ليس هنا الشاهد، فتمشية الأولاد أمر نقوم به، أو لأكن صريحا مع نفسي أمر نسعى للقيام به، ولكن الملفت أنه أخذ ولده لحديقة الحيوانات للمرة الثالثة خلال أسبوع واحد!

قد ذهلت لمقدرة هذا الوالد المشغول بدوامه من كيفية التوفيق بين التزاماته الوظيفية والعائلية وفوق هذا يخرج إلى حديقة الحيوانات ثلاث مرات مع ابنه، بل عجبت أكثر من صبره على تكرار مشاهدة القرود! ومتأكد أنه لم يذهب ثلاث مرات إلا لأن ابنه ألح عليه في ذلك. ولكم أن تتصورا لو ألح أحد أولادنا للذهاب لحديقة الحيوانات ثلاث مرات في الأسبوع كيف أنه قد يأتيه رد من أبيه أو أمه أن الحديقة احترقت حتى يسكت الولد!

وديفيد وعائلته بالمناسبة لديهم اشتراك سنوي في حديقة الحيوانات ومتحف العلوم، وأجزم كذلك بمتحف الأطفال، وغيرها من الأماكن وذلك لكثرة تمشيته لعائلته في تلك الأماكن.

وكما ذكرت فإن ديفيد نشيط في عمله، فقد وجدته مرة في مكتبه بعد الساعة السابعة فسألته ألم تذهب لبيتك فذكر أنه عنده بيرميشين (إذن)، فضحكت وقلت حتى أنتم في أستراليا عندكم البيرميشن؟ وتحدثت كيف أن بعض الرجال عندنا لديهم وزارات للداخلية في بيوتهم تعطيهم البيرميشين. وبعد هذه الحادثة بكم يوم وجدته مرة أخرى في وقت متأخر، فقال لي هذه المرة أن وزارة الداخلية أعطته البيرميشن.

ديفيد أيضا يحسن معاملة حماته ويتحدث عنها بخير، إذ أنها كانت في زيارة لهم من أستراليا خلال فترة عملي، وكانت تقيم عندهم قبل أن تسوء حالة والدها الصحية، مما اضطرها لقطع زيارتها والعودة إلى أستراليا.

ديفيد يحرص أيضا على الاطلاع على آخر الكتب التي تأتي بها مكتبة الشركة سواء العلمية أو العامة، والتي سيكون حديثي عن أحد هذه الكتب ومؤلفه في الموضوع القادم …

[1] سكان ماليزيا ينحدرون من عدة عروق حسب التوزيع التالي التقريبي: الملايو وباقي السكان الأصليين 61% الصينييون 24% الهنود 7% و 8% المتبقية من أصول أخرى – المصدر: مكتبة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

اليومية القادمة: المحاضرة الأخيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *